
لا يزال سد النهضة الإثيوبي، الذي بدأ تشييده عام 2011 على نهر النيل، مصدرًا للتوترات الإقليمية، خاصة مع اعتماد مصر على النيل في الري، إلا أن التطورات الأخيرة تثير تساؤلات حول تداعياته المباشرة على السودان.
خروج كميات من مياه السد على جانبيه
في هذا الإطار، كشف الدكتور عباس شراقي، أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية بجامعة القاهرة، أن منسوب بحيرة سد النهضة ظل ثابتًا عند أعلى مستوى له (638 مترًا فوق سطح البحر) منذ أغسطس 2024، رغم خروج كميات مائية من حوض التوربينات على الجانبين الأيمن والأيسر. وأوضح في تصريحات له اليوم أن المياه المُفرغة تقدر بحوالي 15 مليون متر مكعب، معظمها مصدرها بحيرة تانا التي تغذي النيل الأزرق بنحو 4 مليارات متر مكعب سنويًّا.
من جهته، حذر وزير الري المصري من أن السد الإثيوبي يُستخدم كورقة ضغط سياسية، مشيرًا إلى وجود “شروخ في السد المساعد”، وهو ما يعكس مخاطر هيكلية قد تؤثر على استقراره.
مخاطر فنية وتشغيلية:
أكد شراقي أن سعة التخزين الحالية للسد (60 مليار متر مكعب) تشكل ضغطًا كبيرًا على هيكله، خاصة السد المساعد (سد السرج). وأوضح أن تشغيل التوربينات يتطلب تصريف3 مليارات متر مكعب شهريًّا خلال فترات الجفاف، لكن المخزون المائي لم ينخفض حتى الآن، ما يشير إلى عدم تشغيلها بالكفاءة المعلنة.
وحذر الخبير من أنه إذا استمر تعطيل التوربينات، قد تضطر إثيوبيا إلى فتح بوابات المفيض العلوي لتفريغ 20 مليار متر مكعب على الأقل قبل يوليو 2025، مما قد يؤدي إلى تدفقات مائية مفاجئة تهدد السودان ، خاصة إذا تم التفريغ بشكل غير مدروس خلال أبريل أو مايو المقبلين.
تداعيات عدم التنسيق:
أشار شراقي إلى أن غياب تبادل المعلومات بين الدول الثلاث (مصر، السودان، إثيوبيا) يُسبب ارتباكًا في إدارة السدود، وقد يعرض السودان لتداعيات خطرة بسبب اعتماده على النيل الأزرق، الذي يمر عبر أراضيه.
تعثر المفاوضات:
ما زال سد النهضة يشعل أزمة دبلوماسية، حيث تتهم مصر والسودان إثيوبيا بالتعنت في المفاوضات ورفض التوقيع على اتفاقية ملزمة لتنظيم الملء والتشغيل. وانتهت آخر جولات التفاوض في 2023 بالفشل، مع إلقاء الجانب المصري اللوم على إثيوبيا لرفضها الحلول الوسط التي تحقق التوازن بين مصالح الدول الثلاث.
خطر مُحدق بالسودان:
بينما تركّز مصر على أمنها المائي، يُنظر إلى السودان كطرف أكثر عرضة للتأثر السريع بأي خلل في إدارة السد، سواء عبر فيضانات مفاجئة أو نقص في تدفق المياه، مما يهدد قطاعي الزراعة والكهرباء فيه. وبغياب اتفاقية واضحة، تظل الخرطوم في موقف هشّ يعتمد على حسابات أديس أبابا غير المُعلنة.