في مشهد دولي تتصاعد فيه حدة التوترات، تتهم واشنطن وعشر دول من حلفائها إيران بأنها أصبحت رأس حربة في تنفيذ سياسة اغتيالات وعمليات خطف على مستوى العالم، ، وسط ترسيخ لرقعة النفوذ الإيراني التي تتجاوز حدود المنطقة، وتثير اضطرابات أمنية وسياسية عميقة. فمن أين تنطلق هذه العمليات؟ وما مدى صحة زعم الغرب؟ وماذا تعني هذه الاتهامات على المستوى الدولي والإقليمي؟ إليكم التفاصيل.
خلفية الاتهامات
في الأشهر الماضية، أصدر تحالف الدول المناهضة لإيران، بقيادة الولايات المتحدة، تقارير عالية الحدة، تتهم فيها طهران بالوقوف وراء سلسلة من العمليات السرية التي استهدفت شخصيات معارضة، وعناصر دبلوماسية، وحتى مسؤولين سابقين، مستخدمة تكتيكات تشمل عمليات اغتيال مخططة بدقة، وعمليات خطف غامضة، في مناطق متعددة من الشرق الأوسط، وأفريقيا، وأوروبا.
هذه الاتهامات تؤكد أن إيران تعتمد على “استراتيجية غير معلنة” لزرع الفوضى وإضعاف خصومها، وإشاعة حالة من الخوف والارتباك على الصعيد الدولي، عبر عمليات تتجاوز قدراتها السياسية التقليدية، لتنفيذ أهداف أمنية وعسكرية بعيدة المدى.
تفاصيل العمليات المزعومة:
1. اغتيالات داخل الأراضي الأجنبية:
تبادل تقارير الاستخبارات الأمريكية والأوروبية تسجيلاً لاغتيالات استهدفت معارضين إيرانيين، ومعروفين بمعارضتهم لنظام طهران، في دول مثل تركيا، ألمانيا، وأفغانستان. من بين الحالات المثيرة للجدل، مقتل شخصية معارضة في برلين، والذي أيدت تقارير صحفية وجود عنصر قد يكون مرتبطًا بعمليات إيرانية.
2. عمليات خطف واختطاف غامضة:
يُروى أن أجهزة إيران الأمنية نفذت عمليات خطف لطالبي لجوء أو معارضين، واحتجزتهم في مناطق بعيدة، بهدف ابتزاز أو لتصفية حساباتها السياسية، مثل ما حدث في بعض الدول الإفريقية، حيث تم تحرير بعض المختطفين فيما بعد.
3. استخدام وكلاء وأذرع خفية:
اتهمت التقارير إيران باستخدام عناصر موالية لها من ميليشيات محلية، وأفراد ينتمون إلى جماعات مسلحة، لتنفيذ عمليات سرية على أراضي دول متعددة، امتدت من لبنان وشرق أفريقيا، إلى أوروبا وأمريكا اللاتينية.
ردود الفعل الدولية والإقليمية:
– الولايات المتحدة:
أكدت أن استراتيجيتها تهدف إلى حماية أمنها الوطني، ووقف التهديدات الإيرانية المتكررة، وأعلنت عن إجراءات عقابية ضد أفراد وكيانات إيرانية، مدعية أن تلك العمليات تتماشى مع قانون الدفاع عن النفس.
– دول حليفة وأوروبية:
أدانت العديد من الحكومات الأوروبية مثل فرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة، هذه العمليات، داعية إلى تحقيق مستقل وإعادة النظر في العلاقات مع طهران، معتبرةً أن استمرار تلك السياسات يهدد الأمن الدولي ويهدد قواعد الدبلوماسية.
– إيران:
نفت بشكل قاطع هذه الاتهامات، ووصفتها بأنها “حملات دعائية وادعاءات زائفة” تهدف إلى تبرير العقوبات والضغوط الدولية، مؤكدة على أنها تلتزم بالقانون والاتفاقات الدولية، وأنها تتبرأ من أي عمليات نوعية على أراضي الدول الأخرى.
التداعيات وآفاق المستقبل:
تشكل هذه الاتهامات تصعيدًا قد يؤدي إلى زيادة التوترات في الساحة الدولية، وتهدد بعرقلة جهود التهدئة والإصلاحات الدبلوماسية بين طهران والغرب. كما أن تصاعد الدراسات الاستخبارية ومراقبة الحدود يفرض تحديات جديدة على الجهات الأمنية، بالإضافة إلى أن الردود الدولية قد تتجه نحو فرض عقوبات اقتصادية وسياسية أكثر صرامة، وربما تصعيد عسكري محدود في بعض المناطق.
أن الاتهامات المنسوبة لإيران، إن صحت، تبرز صورة دولة تستخدم الطرق غير التقليدية لتحقيق أهدافها السياسية والأمنية، في سعيها لتعزيز نفوذها وتوسيع دائرة تأثيرها، وهو ما يثير تساؤلات عن مدى قدرة المجتمع الدولي على ضبط هذه الأفعال، وفرض رقابة صارمة لمنع تصاعد النزاعات، وإرساء قواعد احترام السيادة والأمن الإقليمي والدولي.