أقلام حرة

د. عبد الرحمن بشير يكتب: القيادة علم وفن ومهارة

القيادة عملية معقدة تعنى تحريك الناس، أو مجموعة من الناس نحو اتجاه معين ومحدّد، وتأثيرهم، وحثهم على العمل باختيارهم، فالقيادة فن وعلم وعمل ومنهج ومهارة، وتعمل في التحشيد والتحفيز، وتحديد الهدف، وإيجاد الرؤية، وصياغة الإستراتيجية، فهي مهارة عالية الدقة، وتمتاز بالريادة، وأصالة التفكير، والحركية، والتفاعلية، وطرح البدائل، والبحث عن الحلول، والعمل في إيجاد الحل البديل عن المشكلات.

إن مشكلة بلادنا تكمن في غياب القيادة الفاعلة، ولهذا نحن اليوم نعيش حياة عادية، أو دون العادية، ومن هنا تكون الحاجة أكيدة في وجود القيادة الفاعلة، ومن الغربة بمكان، أن الشعوب في بلادنا تعمل في الليل والنهار بدون خطة، وبدون مشروع سياسي، فالقيادة السليمة تصنع المشاريع، وتجدد الحياة، وترفض قبول الواقع، بل ترى أن هذا الواقع هو الذى صاغ المشاريع البديلة.

لا تغيير بدون قيادة، ولا قيادة بدون صناعة، ولا صناعة بدون منهج، فالمنهج الأفضل هو منهج الإسلام، ومن هنا يحب علينا فهم التاريخ النبوي، وندرس كيف عمل موسى عليه السلام قبل الرسالة، وبعد الرسالة، وكيف نهض بدوره القيادي، وكيف نجح في التخطيط للخروج من مرحلة الذل، ولماذا رفضت بنو إسرائيل الدعوة الموسوية؟ ولماذا رفضت الدخول في أرض الكنعانيين؟ بل ولماذا قالوا : اذهب أنت وربك فقاتلا، إنا ها هنا قاعدون؟

كيف ولماذا قبل يوسف عليه السلام القيادة في الدولة الفرعونية؟ وماذا حقق؟ وهل ثمة مشروع ليوسف عليه السلام؟ أم قبل العرض فقط؟ ما علاقة قيادة يوسف عليه السلام بقول الحاكم (إنك اليوم لدينا مكين أمين)؟ ولماذا اختار يوسف العمل في الخزينة؟ ومازعلاقة ذلك بمشروعه؟

ماذا نستفيد من قصة داوود وسليمان عليهما السلام؟ وكيف استفاد سليمان من خبرات الناس في الحكم؟ وكيف نجح في استخدام كل الوسائل الممكنة في خدمة رسالته؟ كل ذلك بحاجة إلى فقه في القيادة، ودراسة في التغيير.

لا بد من دراسة القيادات بكل أنواعها، القيادات الفكرية، والتوجيهية، والتغييرية، والفنية، والسياسية، والعلمية، كما يجب دراسة القيادات التكاملية بين المهارة، والقوة الذاتية، ومن هنا يجب دراسة السير الذاتية لكبار القادة في التاريخ، كيف تكامل أبوبكر الصديق مع خالد بن الوليد رضي الله عنهما؟ وكيف تكامل عمر بن الخطاب مع أبي عبيدة، عامر بن الجراح رضي الله عنهما؟ وقد درس المسألة بنوع من العمق الإمام ابن تيمية رحمه الله، ويجب علينا قراءة التاريخ تحت ضوء الدراسات الحديثة.

في ولاية مينسوتا الجميلة، حراك سياسي، وتربوي، وفكري، ولكن الناس يحتاجون إلى دورات قيادية، وأخرى فكرية، ومن هنا نرى أنه لا نهضة بدون استعداد، ولا استعداد بدون وجود إرادات سياسية، هناك جيل جديد يستعد للدخول في الحياة بدون خوف، ولكنه يحتاج فقط إلى الإعداد الروحي والفكري والسياسي، ومن هنا كانت، وما زالت تجرى في مدينة (Bloomington) دورات حول القيادة والتغيير لبعض القيادات ذات الوزن في الولاية تحت رعاية مركز الفاروق.

د. عبد الرحمن بشير

داعية ومفكر إسلامي، من جيبوتي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى