قامو عاشور تكتب: أفريقيا.. المخاطر والآمال
أفريقيا السمراء الجميلة الخصبة المعطاءة أرض الطيب والنماء والبساطة والفطرة الجميلة آمالها عريضة مشروعة وأودع الله فيها قدرات وكنوز عظيمة وطاقات هائلة إلا أن قوى الاستعمار والرجعية استعبدتها واستنزفت قدراتها وطاقة أبنائها وكبلت أيديهم بما لا يُتيح لهم النهوض والاعتماد على الذات، ومع اختلاف الأزمنة والوسائل الاستعمارية لا تزال إفريقيا تحت نير الاستعباد والاستبداد والرجعية.
شأنها شأن أغلب البلدان الأفريقية تعرضت موريتانيا إلى حقبة استعمارية مريرة لازالت تدفع ضريبتها إلى اليوم وهو الأمر الذي يجعل موريتانيا تشعر بمحنة أشقائها الأفارقة وتتعاطف وتتعاون معهم قدر استطاعتها؛إلا أنها تُعد بحالة أفضل بكثير مما تمر به بعض الدول الأفريقية الشقيقة والجارة التي لا تزال تعاني تبعات السياسة الاستعمارية تلك السياسة التي لا تريد رفع القيد عن دول وشعوب أفريقيا الحرة وتريد إبقائها رهينة ثقافة العبودية والتبعية المطلقة تنهب ثرواتهم وتبقيهم في فقر مدقع وجوع مُذل ثم تأتي لتعلن بأن الأفارقة شعوب فقيرة جائعة بائسة دون أدنى اعتراف بأن الدول الاستعمارية هي المسئول الأول والأخير عن معاناة الأفارقة الذين لو ترك لهم الاستعمار خيرات بلادهم لما تركوها وهاجروا إلى الدول الاستعمارية ليعمروها بكدحهم وبأجور زهيدة أيضا مقارنة بأجور أقرانهم من أبناء الدول الاستعمارية وزهيدة بائسة أيضاً قياسا بتلك الأجور الزهيدة التي يتقاضاها أشقائهم أبناء المستعمرات الذين يكدون فيها ولم يهجروها بعد.. مناجم أفريقيا تصنع الثراء للمستعمرين وتُعلي مدنيتهم ورفاهيتهم ولا تعود على أهلها إلا بالذل وسوء المصير، ولا يحق لهم المطالبة بما هو أعلى من المرسوم لهم.. هذا هو حال إفريقيا، وإفريقيا التي تحيط بموريتانيا ويتأثر كلاهما بالآخر على الرغم من صعوبة ووعورة التواصل فيما بينهم إذ لا يزال ينقصهم الكثير سواء على مستوى احتياجاتهم الحياتية البسيطة أو على مستوى حاجتهم الملحة في تواصل أفضل وبيئة تقنية متطورة تخدم حياتهم وتوجهاتهم نحو الحرية ومن ثم التنمية بكافة أشكالها بدءاً من خلع ثوب العبودية والتحرر من تبعاتها وانتهاءً ببلوغ الحرية الفعلية التي يصبح فيها محررا من كل قيد يكبله في رأيه ورزقه وبيئته ويعرفه بحسب بيئته وشكله ومنطقته وجنسه ويفرض عليه ما يحق وما لا يحق له لاغياً وجوده كإنسان وُلِد بالفطرة حراً مكرما.
وجهان استعماريان لعملة واحدة
وجهان استعماريان توسعيان لعملة واحدة وهما الغرب ونظام الملالي الحاكم في إيران والذي نرى أن بينهما في حقيقة الأمر تقارباً أو توافقاً أو حالة من الخنوع بينهما على أساس الغاية التي تبرر الوسيلة وكلا الطرفين الملالي والغرب وجهان على عملة استغلال واستعباد الغير لأجل أطماع توسعية وليس لخدمة الشعوب فشعوبنا وشعوب العالم المضطهدة لم تجني منهم سوى شعارات معسولة إن تُرجِمت لا تغني ولا تكفي سد الرمق، وعلى سبيل المثال للإيضاح دخل الغرب بجيوش فاحتل واستعمر ثم رحل وعاد ودخل بفكر وشركات ليستمر في نهجه الاستعماري وامتصاص دماء الشعوب وهكذا يفعل نظام الملالي الحاكم في طهران يدخل بفكر احتيالي بغطاء الدين ثم بنشر السلاح ثم بالشركات متعددة المسميات لكنها ذات توجه واحد وتبعية واحدة ولا يعني ملالي طهران إن تقيدت هذه الشركات بالشرع أو الدين أو القيم من عدمه؛ أو عملت بالربى أو لم تعمل أو استعبدت البشر فذلك كله لا يعنيهم في شيء فكل الطرق والوسائل مُباحة لديهم ما دامت تقود إلى غاياتهم وإن لِزم الأمر لفتوى فالفتاوى أيضاً ممكنة.
ما يجري من حولنا لأشقائنا الأفارقة يعنينا ويؤلم قلوبنا، لكننا لن نكون بمعزل عن إرادة أشقائنا في أي بلد أفريقي ذلك لأننا في موريتانيا لسنا بمعزل عن العالم ولا عن محيطنا العربي الأفريقي وما يهدد محيطنا ويُضر به هو بالضرورة مضرٌ لنا ويهددنا عاجلا أو آجلا، وهنا ووفقاً لما تتعرض له إفريقيا من مخاطر علينا أن نعي الدرس جيداً وأن نعمل على صياغة مستقبلنا بلا استعمار، وبلا استغلال واستنزاف لمواردنا وطاقاتنا تحت أي شعارات أو مبررات كانت، وليس من الحكمة أن نستبدل استعمار بآخر أو نؤسس أو نقبل بعلاقات فضفاضة لا ضوابط فيها تحفظ السيادة والكرامة والأمن والأمان لبلداننا وشعوبنا.. آمالنا وطموحاتنا مشروعة وقابلة للتحقيق لكنها محاطة بكم من المخاطر والعقبات التي يجب تخطيها بوحدتنا وصلابة قراراتنا وسيادة بلداننا.
قامو عاشور، نائبة برلمانية موريتانية