تقاريرسلايدر

طه حسين .. من هي زوجته سوزان بريسو وهل ألحد أو تنصر؟

طه حسين علي بن سلامة، عميد الأدب العربي، ولد في مصر في عزبة الكيلو مركز مغاغة وسط الصعيد عام 1889، وأصيب بالعمى وهو في الثالثة من عمره بسبب علاج بدائي، يعد طه حسين أحد أبرز رموز الحركة الحداثية في الأدب المصري، ونشر طه حسين العديد من الأعمال الروائية والثقافية والتاريخية والمقالات في المجلات والصحف، وكان لزوجة طه حسين الفرنسية بالغ الأثر على حياة طه حسين، الذي توفى عام 1973 بعد مسيرة حافلة.

درس طه حسين الأدب العربي في جامعة الأزهر لكنه كان معارضا لوجهة نظرها المحافظة، والتحق بـ جامعة فؤاد الأول الأهلية -جامعة القاهرة حاليا- التي افتتحت حديثًا وكان ثاني شخص يحصل على درجة الدكتوراه هناك، ثم ذهب إلى جامعة مونبلييه في فرنسا حيث التقى سوزان بريسو التي تزوجها لاحقا، وذهب طه حسين بعد ذلك إلى جامعة السوربون حيث حصل على الدكتوراه، ثم عاد إلى جامعة القاهرة حيث أصبح أستاذا, وكان طه حسين أيضًا رئيسًا مؤسسًا لجامعة الإسكندرية. 

وفي عام 1950 أصبح طه حسين وزيراً للمعارف، وهو المنصب الذي شغله لمدة عامين، وقد كان مؤيدًا قويًا للتعليم للجميع، وكان أيضًا قوميًا مصريًا، ومن أقواله إن مصر ليست دولة عربية ويجب أن تستعيد جذورها قبل الإسلام.

وكان كتاب رفاعة الطهطاوي “إمام في باريس” مصدر إلهام رئيسي بالنسبة إلى طه حسين، وأدى وصف الطهطاوي لأوروبا ما بعد عصر التنوير إلى رغبة حسين في إقامة روابط أقوى مع الغرب، وكان للصوفية تأثير مهم على تفكيره الروحي المبكر، ولا سيما الشعر الصوفي لابن فريد، الذي كتب عنه في الأيام.

هل ألحد طه حسين أو تنصر ؟

كان طه حسين مسلماً سنياً على الرغم من وجود جدل حول مدى تدينه، ورغم ما يشاع عن تنصره او إلحاده كان طه حسين يصلي ويؤدي الصلوات العامة في المساجد، ونشأ في أسرة متدينة للغاية.

زار طه حسين مؤلف كتابى «علي هامش السيرة» و«الوعد الحق» جدة عام 1955 في مهمة ثقافية تتعلق بالجامعة العربية، لكنه لم يكتف بالإقامة في جدة، بل قصد مكة والمدينة، وحج، وزار وقبَّل الحجر الأسود.. ووقف في المسجد الحرام يناجى ربه.

وطلب طه حسين من مرافقه الشيخ أمين الخولي قبل مغادرة جدة التوقف عند الحديبية، وهناك ترجّل طه حسين وقبض من تراب الحديبية قبضة فشمّها ثم تمتم ودموعه تنساب على التراب، قائلاً: “والله إني لأشم رائحة النبي محمد – صلى الله عليه وسلم – في هذا التراب الطاهر”.

 

وفي مكة كان في استقبال عميد الأدب العربى العاهل السعودي، الملك سعود بن عبدالعزيز آل سعود، والأمراء والأعيان والوجهاء والأدباء والإعلاميون، واحتفت به المؤسسات الثقافية والهيئات العلمية جميعها، كما كان في استقابل طه حسين الشيخ محمد متولى الشعراوي على رأس ىبعثة الأزهر الشريف في المملكة، حيث كان يعمل وقتها أستاذاً في كلية الشريعة، وألقى الشعرواي قصيدة ترحيبا بعميد الأدب العربي، قال فيها: هو طه فى خير كل قديم.. وجديد على نبوغ سواء.. يا عميد البيان أنت زعيم.. بالأمانات أريحى الأداء.. لك فى العلم مبدأ طحسنى.. سار فى العالمين مسرى ذكاء”.

ووفق كتاب “رحلات الأعلام إلى البلد الحرام”، تعجب طه حسين من الحفاوة الكبيرة التي حظي بها، والاستقبال الرسمي والشعبي المهيب، فقال: “معذرة إليك يا صاحب السمو، ومعذرة إلى الذين تفضلوا فاستجابوا لهذه الدعوة من الزملاء والزائرين، معذرة عن هؤلاء المواطنين الذين أخطأوا موضع التكريم، ووجهوه إلى غير من كان ينبغي أن يوجه إليه، فقد أكثروا واشتطوا وأسرفوا على أنفسهم وعلى الناس.. وأقول لهم: دعوا أخاكم هذا الضعيف، وما قدم إليكم من خير قليل، واصنعوا خيراً مما صنع، وأخطر مما صنع، وأريحوه من إطالة الثناء: لأنها تخجله وتشعره بأنه يسمع ما ليس له الحق فيه”، وأؤكد أنهم قالوا فأسرفوا علي وعلى أنفسكم، ولكن نيتهم كانت خالصة، وقد قال نبي الإسلام صلى الله عليه وسلم (إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى)، وهؤلاء قد نووا خيراً، وقالوا خيراً، فليعف صاحب السمو، فهم قد أخطأوا، فوجهوا الثناء إلى غير مذهبه، وقالوا المديح في غير أهله، وليذكروا أنهم هنا في هذه البلاد يمثلون وطنهم، وأن يقدروا أن إخلاصهم في حب هذا الوطن وجهدهم في خدمته، وفناءهم في ترقيته والمشاركة فيه مخلصين، إنما هو إخلاص لله قبل كل شيء، فهي أرض الله، فيها أشرق نور الله، ومنها انبعث هذا النور، فهدى أوطاننا جميعاً إلى الحق وسلك بها سبيل الخير”.

طه حسين وزوجته سوزان بريسو

في عام 1915، التقى طه حسين بالمرأة التي أصبحت فيما بعد زوجته لمدة 56 عاما، سوزان بريسو المسيحية التي تنتمى لأسرة كاثوليكية، سوزان قرأت لـ طه حسين ورتبت اللقاءات لأجله، ودعمته في عمله في الجامعة، ولم تكن عائلتها في البداية متحمسة لاحتمال زواجها من مصري، لكن فقط عندما التقى به عمها القس، وافقت الأسرة على السماح بالزفاف.

وفق كتاب (طه حسين: حياته وفكره في ميزان الإسلام) أضفت سوزان طه حسين في مذكراتها عن حياتها في مصر روحاً كنسياً وطابعاً مسيحياً خالصاً مما يدهش له القارئ، ويعجب كيف عاشت هذه السيدة في مصر خمسين سنة ولم تستطع أن ينشرح صدرها لطوابع مصر الإسلامية، بل على العكس من ذلك ظل بيتها سجناً رهيباً للغة الفرنسية فلم يكن أحد فيه يتكلم العربية حتى ابن عميد الأدب لم يعرف العربية وقد استطاعت أن تبني ذلك الحاجز الخطير بين مصر وتقاليدها وقيمها العربية الإسلامية وبينها فظلت حتى آخر أيامها لا تكتب ولا تتكلم ولا تعيش إلا في جو فرنسي وما في حياتها شيء أبداً يوحي بالروح العربية أو الإسلامية فهي في ليلة عيد الميلاد تستمع إلى قداس منتصف الليل من الراديو تبحث عن محطة فرنسية، وهي لا تستقبل إلا هؤلاء القساوسة والكردينالات الفرنسيين الغربيين. لقد عاشت هذه السيدة في مصر هذه المدة الطويلة دون أن تتمصر أو تتعرب أو تجد رائحة هذا الجو وإنما عاشت في تعصب وإصرار على جوها الفرنسي الغربي المصطنع.

يقول د. محمد الدسوقي، السكرتير الثاني لـ طه حسين بعد فريد شحاتة لمدة عشرين عاماً: «كان طه حسين يتمنى أن يصل أقاربه ببعض الصدقات، ولكن سوزان كانت تأبى عليه ذلك، وكثيراً ما كانت تؤنبه بكلمات قاسية، يحاول هو أن يمحو آثارها التي تبدو عليه وعلى وجهه، وأعصابه وطريقة كلامه، ولكنه كان يستحلفني سراً أن أكتم عنه، وأستر عليه، ويعطيني بعض هذه المظاريف الخاصة، لكي أقوم بأداء هذه الأمانة عنه»(7).

وقد أكد الدكتور الدسوقي هذا خلال مقابلة تلفزيونية مع فضائية «أزهري» في حلقات برنامج «للتاريخ» وآية ذلك السلطان القاهر، لهذه الزوجة (المؤامرة) التي أحكمت قبضتها على عقل وفكر وسلوك وحركة وقلب ودين طه حسين، تتجلى في ولاء وانتماء أبنائها من طه حسين؛ أمينة التي أصرت على تسميتها «مارجريت»، ومؤنس الذي أطلقت عليه «كلود»، وقد نال درجة الدكتوراة من فرنسا عن تأثير الآداب الإسلامية في الأدب الفرنسي، ويقال: إنه تنصر، ومات نصرانياً في فرنسا(8).

توفت سوزان بريسود حسين بتاريخ 27 يوليو 1989م، عن عمر يناهز 94 عاماً.

أبناء طه حسين

1- مؤنس طه حسين : أديب مصري، ولد عام 1922 وهو نجل الدكتور طه حسين، وكان محاضرا في قسم اللغة الفرنية بجامعة القاهرة خلال فترة من حياته، ولكنه عاش أغلب عمره في باريس وتوفي هناك، ومن أبرزكتبه مذكراته،. توفي مؤنس طه حسين عام 2004 عن عمر تجاوز الثمانين، وحصل مؤنس طه حسين على درجة الدكتوراة من جامعة السربون عن بحثه بعنوان آثار الآداب الإسلامية في الأدب الفرنسي.

وقالت شائعات إن مؤنس طه حسين تنصر لكن لا توجد أدلة على ذلك، ويدعم تلك الأحاديث زواج حفيدته أمينة مؤنس من رجل ياباني غير مسلم.

2- أمينة طه حسين: المعلومات المتوافرة عن نجلة طه حسين، نادرة، هي تلقت تعليمها فى فرنسا فى الفترة بين 1935 و 1940.

ومن أكثر أعمال طه حسين لفتاً للانتباه وأكثرها قراءة، هي سيرته الذاتية المكونة من ثلاثة أجزاء “الأيام”، مع إعادة تمثيلها الحية لحياة القرية والمدينة في مصر، وفي الوقت نفسه، يؤكد مستقبل الثقافة في مصر على التراث المتوسطي المشترك لمصر وأوروبا، وهو قراءة أساسية للمهتمين بالمنطقة.

في بداية سيرته الذاتية “الأيام” التي كتبها عام 1926 والتي تعد من أشهر نصوص الحداثة العربية، يصف طه حسين ضيق العالم كما كان يراه وهو طفل صغير، فيقول: “لقد كان مقتنعا بأن العالم، على يمينه، ينتهي عند القناة التي تتدفق على بعد خطوات قليلة. حسنا، لماذا لا؟ بعد كل شيء، لم يتمكن من رؤية مدى عرض القناة، ولم يتمكن من قياس ذلك”، كان بإمكان فتى مفعم بالحيوية القفز من ضفة إلى أخرى، ولم يكن يتخيل أن هناك نفس الأشخاص والحيوانات والنباتات الموجودة على الجانب الآخر من القناة تمامًا كما هو الحال على هذا.

تسببت حالة مرضية في عينه في فقدان بصره عندما كان طفلاً صغيرًا مما أدى إلى تقييد أفقه وفقًا لذلك. ومع ذلك، ليس هذا الضعف الجسدي فقط هو ما يصفه المؤلف في مذكراته. وهي أيضًا إشارة إلى ضيق القرية الريفية والتقاليد الثقافية والدينية وقيود الحياة الفقيرة إلى حد ما التي ولد فيها عام 1889، والتي أدت إلى توقه إلى عالم “ما وراء القناة”. وكان من المقرر أن تكون المعرفة والتعليم طريقه إلى العالم الأوسع.

ومن الواضح أن تعطشه للمعرفة، والذي رافقه طوال حياته، مكنه من الخروج من عالمه الضيق، وهكذا نشأ فتى القرية الأعمى ليصبح من أكثر مفكري الحداثة العربية تأثيراً، فهو مؤلف المسرحيات والروايات، ورئيس تحرير الصحف المؤثرة، وناقد أدبي، ومحاضر جامعي، وسياسي في مجال التعليم. وكان له تأثير دائم على الحياة الفكرية المصرية والعربية.

بعد التحاقه بالكتاب في القرية، اتبع طه حسين خطى أخيه الأكبر عندما كان عمره 13 عامًا بالذهاب للدراسة في جامعة الأزهر في القاهرة. وكانت هذه بالنسبة له مغامرة عظيمة – الخطوة الأولى للصبي الأعمى في صعوده المنتصر. وفي العاصمة المصرية، أصبح ينظر إلى المنح الدراسية على أنها “بحر لا حدود له”، وقد استولى عليه الحماس الجامح لها. لقد “عقد العزم على أن يلقي بنفسه في هذا البحر، ليشرب من مياهه، بقدر ما وُهب له، حتى أنه كان على استعداد للغرق فيها. وأي موت أحق برجل نبيل من موت يصيبه يوم القيامة”. طريق العلم وكان بمثابة الغرق في العلم؟” كتب في الجزء الثاني من سيرته الذاتية.

مستقبل الثقافة في مصر

حذر الكاتب المصري طه حسين منذ فترة طويلة تعود إلى ثلاثينيات القرن الماضي من أن مستقبل مصر يعتمد على إصلاح نظامها التعليمي. كتابه “مستقبل الثقافة في مصر” هو نداء من أجل مصر المستنيرة والديمقراطية والمتوسطية. بقلم أندرياس بفليتش

في كتابه الصادر عام 1938 عن سياسة التعليم بعنوان مستقبل الثقافة في مصر، يرفض التناقض بين الحداثة الغربية والتقاليد الشرقية – ومعه نموذج “الثقافة الأجنبية” المفترض في المجتمعات الإسلامية الحداثة”. وكما يصورها، لا يوجد انقسام ثقافي بين مصر وأوروبا، بل على العكس من ذلك: فهم يتقاسمون ثقافة متوسطية مشتركة، والتي تشكلت على مر التاريخ بالتساوي على يد اليونانيين والرومان، واليهود والفينيقيين، والعرب والأتراك والصليبيين، وقال إن الفلسفة اليونانية والقانون الروماني والتوحيد الإبراهيمي، ساهمت في تشكيل الثقافة حول البحر الأبيض المتوسط، ولهذا السبب ينبغي النظر إليها على أنها جسر، وليس حدودًا. الحدود الفعلية لهذه الثقافة المتوسطية كانت محددة بجبال الألب في الشمال والصحراء في الجنوب.

وعلى أساس هذا التأكيد دعا طه حسين إلى التغلب على عقدة النقص العربية في مواجهة التفوق المفترض للغرب. وكتب أنه من واجب المصريين، بعد تحقيق الاستقلال الكامل، إنشاء نظام ديمقراطي، وتحديث المجتمع، وعلى وجه الخصوص “أن ينفوا من قلوبهم المغالطة الفظيعة والضارة القائلة بأنهم مصنوعون من مادة مختلفة عن الأوروبيين وأنهم موهوبون”. بذكاء مختلف.” بالنسبة له، كان التعليم هو الطريقة المثالية لتحقيق هدف اللحاق بالأوروبيين (مرة أخرى) وأن يصبح شريكهم على قدم المساواة.

“مستقبل الثقافة في مصر” هو بلا شك بيان سياسي ثقافي وتعليمي برنامجي لحسين والذي ينبغي النظر إليه في سياق التطورات التاريخية. قبل عامين من نشره، في أغسطس 1936، وقعت بريطانيا ومصر اتفاقية إنهاء احتلال مصر، الذي بدأ في عام 1882. أثار استقلال مصر المرتقب تساؤلات حول مستقبل البلاد، وخاصة حول انتمائها الثقافي وهويتها الوطنية. يمكن تفسير إنكار الحسين المثالي للاختلافات الثقافية بين أوروبا ومصر في هذا السياق. لقد كان وقت البدايات الجديدة، وكان هذا يعني بالنسبة لطه حسين، قبل كل شيء، بداية جديدة لمستقبل التعليم كان يعتقد أنه فقط إذا كان المصريون – رجالاً ونساءً! – تحسين وضعهم التعليمي إذا كانوا قادرين على تحقيق أقصى استفادة من إمكاناتهم واللحاق بأوروبا.

طه حسين .. عميد الأدب ورائد التجديد، أم ملحد تغريبي مرتد عن الإسلام؟

‏تابع قناة جريدة الأمة الإلكترونية في يوتيوب

تابع قناة جريدة الأمة الإلكترونية في واتساب

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى