هكذا كان الخطاب فضفاضاً مقززاً مخادعاً وكاذباً على في إمبراطورية الملالي التي بدأها خميني بمسمى الجمهورية الإسلامية التي لا علاقة لها بالجمهورية ولا بالإسلامية.. هكذا كان وهكذا تعودنا منذ سُرِقت ثورة الشعب وأصبح خميني سلطاناً على خلافة عرش الشاه.
بدأوا جمهوريتهم بدون أي قيم أو قوانين جمهورية، فالجمهورية تعني حكم الشعب وحرية الرأي والتعددية وثقافة قبول الآخر والتعايش معه بغض النظر عمن يكون الآخر، وبدلاً من القيم الجمهورية وجدنا قيماً استبدادية فلا حرية ولا تعددية ولا قبول للآخر ولا حرية رأي أو تعبير.. لك كل الحرية وتستطيع أن تعبر وتغرد ولكن في سرب كهنة ولاية الفقيه وليس في سربك ولا بفكرك؛ كذلك لم تكن هذه الجمهورية الجوفاء إسلامية على الإطلاق فالإسلام المحمدي الحقيقي يرفض الاستبداد والظلم والإكراه والعنصرية بكافة أشكالها ويدعو إلى احترام وتكريم الإنسان كإنسان بغض النظر عن دينه وعرقه ولونه ووضعه الاجتماعي وعن جنسه فالإسلام قد كرم المرأة لكن بعض المسلمون أهانوها واستعبدوها وتجبروا عليها وخاصة الملالي، أما مفردة الإسلامية اللصيقة بالجمهورية المدعية فهي أيضاً للادعاء والمزايدة وبالنهاية بَطُلَ كلا المفهومين في إمبراطورية الملالي.
بدأت إمبراطورية الكهنة في إيران بخداع البسطاء واستغلال مشاعرهم بخطاب الإسلام السياسي وسيرة آل بيت الرسول الأطهار.. خطابٌ بعيدٌ عن الحقيقة طرحوه كخطاب حق أُريد به باطل للتسلق من خلاله إلى السلطة، ولم يكتفي ملالي السوء بسرقة ثورة والادعاء باطلا باسم الدين فراحوا يعززون الخطاب الطائفي العنصري في أوساط الجهل والفقر لخلق نوعٍ من الفتنة بين أبناء الدولة والوطن الواحد لتكون أوساط الفقر تلك وسائلهم وأدواتهم أيضاً لبلوغ الغايات ويستتب لهم الأمر في نهاية المطاف.
رغم تعزيز أوضاع إمبراطورية الكهنة في إيران بالخطاب المذهبي العنصري على نحو لا يليق بالإسلام ولا بالمذهب الجعفري إلا الظلم الذي وقع على شيعة إيران كان أكثر بكثير مما وقع على غيرهم، وبالنهاية حصروا السلطة وامتيازاتها وحق الحياة الكريمة في حاشية العرش فقط.. الحاشية التي يقول عنها محمد باقر قاليباف بأنها تمثل نسبة 4% من تعداد الشعب الإيراني، ووفقاً لقول قاليباف فإن نسبة 96% من الشعب الإيراني رافضة لهذا النظام وتُصنف هذه النسبة على أنها خصوم وأعداء وما هم إلا اهداف يقعون في مرمى نيران وافتراءات ومداهمات الملالي، وقد وصل هذا الرفض إلى مجتمع نسبة الـ 4% المذكورة مبكراً وقد كان آية الله منتظري خليفة خميني في حينه هو وغيره واحدا من تعداد الـ 4% الذين أدركوا الحقائق بعلمهم وبهداية الله أخذوا مواقف صريحة من النظام واعترضوا على ما يجري من سياسات فما كان من خميني إلا أن قام بعزل منتظري وفرض عليه إقامة جبرية مهينة حتى مماته، ومن ضحايا إمبراطورية الكهنة من علماء الدين أهل الحق وأصحاب الرأي المرجع الديني آية الله الشيرازي الذي فرض عليه الإمبراطور الإقامة الجبرية في بيته بمدينة قم فلما شعر الرجل بقرب أجل أوصى بأن يُدفن كسجين في بيته كما دفنوه فيها حيا بفرض الإقامة الجبرية عليه، وبعد أن حفر الناس قبره في بيته جاءت مخابرات إمبراطورية الملالي وسلبت جثمانه ولم تراعي وصيته وقامت بدفنه دون مراسيم.. والأمر ليس بجديد فقد فعلوها من قبل غيره ولم يراعوا وصيتهم.. فأين هم من الإسلام.
أثار دهشتي الملا إبراهيم رئيسي أحد الجلادين ورئيس جمهورية هذه الإمبراطورية في لقاء على (تلفزيون الشبكة الخضراء الحكومي في الـ 21 من ديسمبر) بقوله: “الامتداد الاستراتيجي لنظام الجمهورية الإسلامية في المنطقة يعود إلى وجود قوى مؤمنة ومقاومة لأعداء الأمة الإسلامية، وهي اليوم شكلت المقاومة والقوة المؤمنة والمخلصة للإسلام.. هذه قوة أعطت للمنطقة شكلاً جديداً؛ ولا أعلم عن أي جمهورية وامتداد تحدث وعن أي قوى مؤمنة تلك يتحدث وقوامها من المتردية والنطيحة وآكلات الجيف والحالة النظيفة بينهم إما مغرر بها أو مغلوبة على أمرها ولو امتلكت خيارها لما رأيتها بينهم؛ ثم يضيف مسترسلا في تلك الأكاذيب التي لا تنتهي قائلاً: هذه هي الإلهامات التي استلهمها الشعب الفلسطيني من الثورة الإسلامية، من تعاليم الإمام (خميني)”.. ولا أعرف من يستلهم من الآخر فقد سبقتهم الثورة الفلسطينية وسبقتهم منظمة التحرير كمدرسة نضال عريقة، لم يستلهم الفلسطينيين منهم شيئاً بل مسهم الشر والسوء بسببهم وها هو الشقاق بين الإخوة الفلسطينيين قائماً ببركات من وصفه بالإمام علما أن الأئمة في المذهب الجعفري إثنى عشر إماماً فقط، وقد يكون خميني إمام إبراهيم رئيسي وزمرته لذلك التزموا بتعاليمه بقتل عشرات آلاف السجناء السياسيين على آرائهم، وها هي الأحداث في غزة تشهد على تخاذلهم وجرائمهم ادعاءاتهم.
ختاماً لم تكن ثورة عام 1979 في إيران ثورة إسلامية بل كانت ثورة وطنية.. وللحديث بقية.. وإلى عالم أفضل.
د. محمد الموسوي / كاتب عراقي