الأربعاء أكتوبر 9, 2024
أقلام حرة

ساري عرابي يكتب: ملاحظات سقوط طائرة الرئيس الإيراني

مشاركة:

أن يكون سقوط طائرة الرئيس الإيراني لأسباب عرضية يبقى احتمالاً قائمًا بالتأكيد، لكن هناك جملة ملاحظات ينبغي أن تؤخذ بعين الاعتبار لجعل القصدية والتدبير الأمني احتمالاً راجحًا إلى حين ثبوت غير ذلك:

1- مهما كانت ضربة 14 أبريل الإيرانية للكيان الإسرائيلي محدودة ومدروسة وحذرة للغاية. فإنه لم يكن للإسرائيلي أن يمررها دون رد عميق وقوي، وهذا راجع للطبيعة الإسرائيلية التي لا يمكنها، لأسباب إستراتيجية، السماح بكسر تفوقها الردعي الإقليمي في منطقة هي فيها كيان مصطنع وغريب عليها بالكامل، وهو ما تؤكده السيرة الإسرائيلية مع أصغر مناضل فلسطيني أو عربي أوجعها، فكيف بقصفها لأول مرة من دولة (لا من حزب أو قوى شبه دولة) منذ العام 1991 حينما قصف صدام الكيان.

2- ولأسباب جيو استراتيجية وأخرى متعلقة بالترتيب الأمريكي. كان الخيار الإسرائيلي المفضل هو رد يرقى إلى كون الاستهداف جاء من دولة، هذا الرد سيكون ردًا في إطار حرب الظلال.

3- لأن للإسرائيلي خبرة تفوق في حرب الظلال، فقد كان مطمئنًا إلى قدرته على هذا الصعيد. وقد كنتُ بعد أربعة أيام من الضربة الإيرانية في لقاء على قناة تلفزيونية وحذرتُ من أن الإسرائيلي سينتقل إلى حرب الظلال، وهي حرب تكشف التجربة أن أعداء الإسرائيلي لا يملكون فيها قدرات مكافئة في هذا المجال، ونوهت لضرورة التنبه للخلايا الموجودة في عمق بعض البلاد ومنها إيران.

4- لا يعني ذلك بالضرورة أن “إسرائيل” خططت لاغتيال الرئيس الإيراني. ولكن من المحتمل أنّ الفرصة قد واتتهم في ظرف يملكون فيه قدرة تنفيذ سريع.

5- بالنظر إلى كون خط سير الرئيس الإيراني معروف للإسرائيلي لأنه ذاهب لمقابلة حليف إسرائيلي (رئيس أذربيجان) فإن الإسرائيلي سيملك معلومات كافية عن مسار المروحيات وأماكن هبوطها وإقلاعها، ولأنّ الجغرافيا السياسية ساحة عمل استخباراتي إسرائيلي وأمريكي (شرق تركيا، شمال شرق العراق، أرمينيا، فضلاً عن أذربيجان)، فإن القدرات الفورية والآنية متاحة.

6- يقال إن الطائرة كانت تعتمد نظام GPS، وهو نظام يستطيع الإسرائيليون التشويش عليه بكفاءة عالية. وعلى أية حال، ورغم أن إمكان الحادث العرضي محتمل، فلا يمكن إهمال سقوط طائرة الرئيس من بين ثلاث طائرات دون شك وأسئلة حقها البحث ومحاولة الإجابة.

7- يسأل البعض إن كان منصب الرئيس في إيران مهمًّا وكذلك شخصية رئيسي، وقد سبق القول إن الفكرة في الطبيعة المعنوية العميقة للهدف بما يكافئ ضربة إيران للكيان بوصفها (أي إيران) دولة إقليمية كبيرة.

8- ومع ذلك منصب الرئيس في إيران مهم وليس هامشيًا كما يتصوّر البعض، وهو من أدوات النظام في تنظيم تناقضاته وتوزيع السلطة، والمرشد الحالي كان الرئيس فترة خميني.

9- رئيسي ووزير الخارجية عبد اللهيان من تيار المرشد والشخصيات الأكثر قربًا منه، وهو، أي رئيسي، الخليفة المحتمل للمرشد. وهذه اعتبارات لا يمكن التقليل من أهميتها.

10- يبقى وبقطع النظر عن سبب الحادث، هل هو عرضي أم مقصود، أنّ سفر الرئيس وبرفقته في طائرة واحدة شخصيات مهمة، في مروحية، قد لا تتمتع بالكفاءة والسلامة الكافية، في طقس صعب، وتضاريس قاسية، إلى مكان حساس أمنيًّا، للقاء رئيس دولة حليفة لـ “إسرائيل”، في ظل توتر إقليمي عالٍ، أمر يثير الاستغراب، لدلالته على استرخاء أمني غير مفهوم، كذلك عدم توفر أجهزة رؤية ليليلة في المروحيات أمر غريب أيضًا، لأنه ممكن توفير التقنية من الصين أو كوريا الشمالية وإعادة تكييفها للطائرات، لأنّ الاعتماد على طائرات دول حليفة لأمريكا في البحث والإنقاذ يعني توفير معلومات سريعة لأمريكا قبل إيران نفسها! وهذه حوادث تكشف أماكن الخلل الإداري والاسترخاء الأمني في لعبة شطرنج إقليمية ودولية بالغة الخطورة.

Please follow and like us:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *