البدري عبد الرحمن يكتب: ترويض الثورة وكسر عنفوانها
كاسر الأمواج كما يعرفه أهل الساحل، يقوم بتعطيل طاقة الأمواج البحرية الهادرة المتجهة نحو الشاطئ، وبالتالي تقليل سرعتها وارتفاعها وحجمها، مما يقلل من التآكل الساحلي، ويحمي ما قد يكون موجوداً على الشاطئ من قوارب، أو أشخاص، أو ممتلكات.
عندما كانت الثورة السورية في عنفوانها، وامتلكت طاقة كبيرة كافية لإسقاط النظام الأسدي المجرم، تداعت الدول العدوة للثورة لوضع كاسر صلب يضعف قوتها، ويبدد عنفوانها، فهل تعلمون ماذا صنعوا؟!!
أقاموا كاسر أمواج الثورة، بيان جنيف في يونيو 2012 الذي ينص على تأسيس هيئة حكم انتقالية كاملة الصلاحيات، والذي ظنه المخدوعون ممن ادّعوا تمثيل الثورة أنه نصرٌ للثورة، أو ظنوه إنجازاً على طريق النصر.
عندما اندفعت الثورة بعنفوانها الطبيعي، وبقواها المحلية الذاتية، وبالحماس، والشغف، والقوة التي تدفع الأحرار للتمرد، ولقلع نظام الاستبداد والقهر والظلم، وكانت أمواج الثورة عاتية تضرب أسوار دمشق، جاءت الأمم المتحدة بقرار صاغته أمريكا حامية النظام من السقوط، وأَمَّلَتِ الثوار وخادعتهم بعبارات هيئة حكم انتقالية.
ونتيجة لذلك استراحت قوارب الثوار على شاطئ هادئ، يتلقون فيه ضربات النظام الأسدي #المجرم، ولا يبادرون هم لضربه؛ بل يدافعون بأقل القليل عن مكتسبات هشة لا يمكن أن تبقى في أيديهم ما دام رأس الأفعى في دمشق.
لماذا خبت الثورة، ولماذا ضعفت؟ لأن البعض في صفوف الثوار، وكل المعارضة التي ادعت تمثيلهم جلسوا على أعتاب الدول الكاذبة يأملون، ويحلمون بمقاعد هيئة حكم انتقالية ليس لها من الواقع والحقيقة نصيب.
كاسر الأمواج دفَعنا بعيداً عن هدف كان بمتناول أيدينا، ثم تلته سردية مقيتة كاذبة تثبت هذا الجدار الكاسر عبر قرار مجلس الأمن 2254، ثم تدحرجت العملية #السياسية إلى عملية دستورية، ثم بدأت معزوفة المصالحة، واليوم يطبعون مع النظام المجرم تحت غطاء رفع معاناة السوريين بعد حادثة الزلازل الأخير.
وبعد سنين قاسية من التآمر الدولي، يطلع علينا اليوم من يظن أنه محافظ على ثوابت الثورة لينادي بالعودة لبيان جنيف أو القرار 2254 ليجعله بنداً أساسياً في بياناته الموقعة في عِيد الثورة الثاني عشر.
أي فمٍ سياسي يتقيّأ هذا الدجل؟! وأي عين غافلة تنتظر هذا السراب؟!! وحتى من صدّق في يوم من الأيام هذا الكذب ألا يرى تغيّر الواقع على الأرض؟ ألا يرى جيوشاً وميليشيات تحتل البلد؟ أي انتقال، وأي هيئة حكم والبلد محتلة؟!
ختاماً، إلى أحرار الثورة الشرفاء، إلى بقية جذوة الثورة: أسقطوا كل من تاجر بكم في جنيف، وكل من لا يزال ينادي بتطبيق القرار 2254، واجعلوه وراء ظهوركم، وامضوا في سبل هذه الثورة بعنفوانكم الأول، وبِقواكم الذاتية، والله معكم إن أخلصتم له، وكنتم أمناء على ثورتكم وبلدكم.
البدري عبد الرحمن/ ناشط سياسي – ثوار الغوطة الشرقية.
منتدى قضايا الثورة