منذ استشهاد السنوار عكفتُ على جمع قصائد الرثاء التي نُظمت وقيلت فيه، ولساعات كثيرة، يوميا، لمدة أسبوع كامل، استطعت جمع أكثر من 125 قصيدةً من الشعر العمودي الفصيح، دون احتساب التفعيلة والشعر النبطي والشعبي، وهو عدد لم يثبت تاريخيا لأي شخصية سياسية أو عسكرية أو دينية، وبالأخص في العصر الحديث والمعاصر؛ لأنه في العصر القديم ربما لم تتوفر الإمكانات حينها لعمل الإحصاءات الدقيقة، وما وصلنا من التراث الشعري لم يُوثِّق لنا هذا العدد من قصائد الرثاء في شخص واحد.
وعليه فالسنوار هو أكثر شخصيةٍ في العالم نالت قصائد الرثاء في أقل مدة = (125 قصيدة من أكثر من 110 شاعر في أسبوع واحد، والعدد قابل للزيادة).
الرقم القياسي الثاني هو أنه تَوافَق أكثر من 28 شاعرا من مختلف مناطق الوطن العربي -ودون اتفاق مسبق طبعا- على بحر القصيدة وقافيتها في رثائهم للسنوار، وهو بحر الكامل والقافية الرائية المضمومة المردَفة بألف المد، ويعود ذلك أساسا لارتباط القافية بالاسم (سنوارُ).
ورغم أن كل الشعراء عبر كل العصور يحاولون اتباع اسم المرثي وترصيعَ قوافيهم به، إلا أن السنوار كان له الحظ الأوفر والصعيد الأول، فأصبح الشخصية الوحيدة في تاريخ الشعر العربي التي نُظمت فيها 28 قصيدة لـ28 شاعرا (على نفس البحر والقافية).
الخلاصة أن استشهاد السنوار أحدث ثورة في الشعر العربي، وفجَّر قرائح الشعراء بشكل متزامن فأحدثت لنا طفرة إبداعية متسارعة نتجت عنها مدونةٌ شعرية لم تحدث من قبلُ بهذه الغزارة والصدق الشعوري والاتساع الجغرافي.
وهذا يؤكد مرة أخرى أن هذا الرجل لم يكن شخصية عادية، ولكنه كان رمزا عربيا إسلاميا ألهَمَ وسَيُلْهِمُ الملايين من أحرار العرب والمسلمين عبر الأجيال.
وسننشر لاحقا القصائد كاملةً مع بعض المعطيات والتحاليل المتعلقة بها.