انفرادات وترجمات

الجارديان: وساطات قطر وهداياها تعيدها علاقاتها مع ترامب للمسار الصحيح

في جولته الأخيرة في الشرق الأوسط الأسبوع الماضي، تلقّى دونالد ترامب معاملة الملوك من قِبل قادة أغنى دول العالم العربي. فقد احتُفي به في قاعات مزخرفة بالذهب، ورافق موكبه العشرات من الرجال يمتطون خيولًا عربية بيضاء، وتقلد قلادة ذهبية فاخرة.

وبحسب تقرير لصحيفة “الجارديان “ترجمته “جريدة الأمة الإليكترونية “فقد سعى قادة السعودية وقطر والإمارات العربية المتحدة جاهدين لإظهار أنهم يكنّون لترامب احترامًا يفوق ما أظهروه لسلفه جو بايدن.

واستدركت الصحيفة البريطانية قائلة :ورغم أن ترامب امتدح كثيرًا قادة السعودية والإمارات خلال ولايته الأولى، إلا أنه كان ينتقد قطر بشدة، وهي إمارة صغيرة غنية بالغاز الطبيعي لكنها غالبًا ما تطغى عليها جاراتاها الأكبر والأكثر نفوذًا.

ففي يونيو 2017، قال ترامب إن قطر “كانت تاريخيًا من كبار ممولي الإرهاب”، وأعلن دعمه للحصار الذي قادته السعودية والإمارات ضدها. وقد اتهم جيران قطر الإمارة بتمويل الإرهاب عبر دعم جماعة الإخوان المسلمين وحماس، والتقارب المفرط مع إيران.

وقد استمر الحصار الذي عطّل حياة آلاف الأشخاص في منطقة الخليج حتى أوائل عام 2021.

أما اليوم، فقد برزت قطر بشكل غير متوقع كقصة النجاح الأبرز في أول زيارة رسمية لترامب خلال ولايته الثانية.

ولم يكن من قبيل الصدفة أن تعرض العائلة الحاكمة القطرية مؤخرًا التبرع بطائرة فاخرة بقيمة 400 مليون دولار — من طراز بوينغ 747 “قصر في السماء” — ليستخدمها ترامب كطائرة رئاسية لبقية فترته.

وستُحوّل ملكية الطائرة لاحقًا إلى مكتبة ترامب الرئاسية، مما يعني أنه سيتمكن من مواصلة استخدامها حتى بعد مغادرته المنصب.

ورغم محاولة الإدارة تصوير الأمر على أنه تبرع من قطر للحكومة الأميركية، إلا أنه في الواقع يشكّل هدية تصب في مصلحة ترامب الشخصية.

وووفقا للصحيفة يُعدّ هذا مثالًا جديدًا على استخدام ترامب للرئاسة لتحقيق مكاسب شخصية وتعزيز مصالح شركته العائلية، والتي ما زالت تحتفظ بصفقات عقارية ومنتجعات غولف تحمل اسمه وتقدر بمليارات الدولارات في الدول الخليجية الثلاث الغنية بالنفط التي زارها الأسبوع الماضي.

وحتى الآن، لم يحاول الكونجرس ولا المحاكم الأميركية فرض عقوبات على ترامب بموجب بند “الهدايا الأجنبية” في الدستور الأميركي، والذي يحظر على الرئيس قبول هدايا أو مدفوعات من حكومات أجنبية دون موافقة الكونغرس.

ويبدو أن قطر كسبت احترام ترامب من خلال هديتها الفاخرة وحملة دبلوماسية تهدف إلى إبرازه كوسيط عالمي قادر على جمع الأعداء.

ففي ولايته الأولى، توسطت قطر في اتفاق سلام بين الولايات المتحدة وطالبان، والذي كان من المفترض أن يؤدي إلى انسحاب تدريجي للقوات الأميركية من أفغانستان.

وخلال إدارة بايدن، استضافت قطر محادثات غير مباشرة بين إيران والولايات المتحدة لتبادل أسرى، تضمنت فك تجميد 6 مليارات دولار من أموال النفط الإيرانية — وهو اتفاق ألغته واشنطن لاحقًا.

لكن الوساطة الأخطر التي قامت بها قطر كانت بعد هجوم حماس في أكتوبر 2023، إذ أصبحت القناة الرئيسية للتفاوض بين إسرائيل وحماس، في ظل الحرب الإسرائيلية المدمرة على غزة.

وساعد القطريون في التوصل إلى هدنة لمدة أسبوع في نوفمبر 2023، وهدنة أخرى امتدت لشهرين بدأت في يناير الماضي وانهارت في مارس.

رئيس وزراء قطر

ومع بروز قطر كوسيط أساسي في غزة، صعّد سياسيون في الولايات المتحدة وإسرائيل من هجماتهم على الإمارة، واتهموا قادتها بدعم الإرهاب لاستضافتهم قيادات حماس السياسية في الدوحة، والذين استقروا هناك بعد مغادرتهم دمشق نتيجة انقلابهم على بشار الأسد في ظل انتفاضة شعبية.

وخلال تعثر مفاوضات غزة، طالب عدد من أعضاء الكونجرس إدارة بايدن بالضغط على قطر لإغلاق مكاتب حماس وطرد قادتها. لكن القطريين رفضوا تلك المطالب، مشيرين باستمرار إلى أن إدارة أوباما هي من طلبت من قطر عام 2012 إنشاء قناة غير مباشرة تسمح للولايات المتحدة بالتواصل مع حماس.

واستدركت الصحيفة البريطانية قائلة بعد أن ظهرت تقارير عن نية قطر التبرع بالطائرة الفاخرة لترامب، أعاد بعض رموز حركة “ماجا” المؤيدة له إثارة الجدل بشأن دعم قطر لحماس والجماعات الإسلامية الأخرى.

فكتبت الناشطة اليمينية المتطرفة لورا لومر، التي أقنعت ترامب الشهر الماضي بطرد ستة من مستشاري الأمن القومي في البيت الأبيض، على منصة “إكس”:

منصة: “لا يمكننا قبول هدية بقيمة 400 مليون دولار من جهاديين يرتدون البذلات.” وأضافت: “أقول هذا وأنا من الأشخاص الذين يمكن أن يتلقوا رصاصة فداءً لترامب. أشعر بخيبة أمل كبيرة.”

ومع ذلك، فإن معظم الجمهوريين في الكونغرس الذين طالبوا بايدن بمعاقبة قطر بسبب دعمها لحماس، لم يعلّقوا على قرار ترامب بقبول الطائرة أو تقاربه مع حكّام قطر.

ويعكس ذلك جزئيًا نجاح ترامب في إقصاء أو تجاهل العديد من الجمهوريين المتشددين والمحافظين الجدد خلال ولايته الثانية، مفضلًا التفاوض مع إيران وغيرها من خصوم الولايات المتحدة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى