في الوقت الذي تتسارع فيه وتيرة المواجهة بين إسرائيل وإيران، لم تسلم الرياضة من ارتدادات هذا الصراع، إذ انعكست التوترات السياسية والعسكرية على الملاعب والصالات، وأثرت على جداول البطولات، وسلامة اللاعبين، والمواقف الرسمية للاتحادات الرياضية.
1. انسحابات ومقاطعات: استمرار العُرف السياسي في الرياضة
لطالما امتنعت إيران عن مواجهة لاعبين أو فرق إسرائيلية في المحافل الدولية، وهو موقف سياسي بحت يتمسك به النظام الإيراني. وفي ظل التصعيد العسكري الأخير، تزايدت وتيرة الانسحابات:
ألغى لاعبو جودو وتايكوندو وتنس إيرانيون مشاركتهم في بطولات شهدت حضور لاعبين إسرائيليين.
اتحادات عربية وإسلامية تبنّت توجهًا مشابهًا، كوسيلة للتعبير عن التضامن مع الموقف الإيراني أو احتجاجًا على السياسات الإسرائيلية تجاه غزة.
2. تأجيل وإلغاء بطولات بسبب الوضع الأمني
داخل إسرائيل: أُلغيت مباريات دوري الدرجة الأولى وعدة منافسات رياضية محلية بسبب المخاوف الأمنية والهجمات الجوية. بعض الملاعب تحوّلت إلى مراكز طوارئ أو ملاجئ.
على مستوى المنطقة: خفّت المشاركة الإسرائيلية في البطولات التي تُقام في دول غير صديقة، حتى تلك التي كانت تشهد حضورًا إسرائيليًا في الأعوام السابقة (مثل بعض البطولات في الخليج أو شرق آسيا)، تحسبًا لردود فعل شعبية أو أمنية.
3. الرياضيون كأصوات سياسية
أطلق عدد من اللاعبين العرب والإيرانيين تغريدات وتصريحات سياسية صريحة، أبرزهم لاعبون في كرة القدم وكرة السلة، عبّروا فيها عن دعمهم لغزة أو معارضتهم للهجوم الإسرائيلي أو للتدخل الإيراني.
في المقابل، رياضيون إسرائيليون انتقدوا إيران علنًا، وهو ما تسبب في خلافات علنية على منصات التواصل، وخلق جدلًا واسعًا في الأوساط الرياضية العالمية.
4. ضغوط على الاتحادات الدولية
الاتحادات الدولية مثل الفيفا واللجنة الأولمبية الدولية، تواجه ضغوطًا كبيرة من الطرفين:
إيران تطالب بمنع الفرق الإسرائيلية من المشاركة.
إسرائيل تطلب معاقبة اللاعبين أو الدول التي تنسحب من مواجهاتها.
ومع أن القوانين الدولية الرياضية تمنع التمييز، فإن هذه المواقف تُحرج الاتحادات وتجعلها في موقف متذبذب بين الحياد الرياضي والمطالب السياسية.
5. الرياضة كساحة دبلوماسية أو ساحة حرب؟
على الرغم من الشعارات التي ترفعها الرياضة حول الوحدة والسلام، فإن التصعيد العسكري والسياسي جعل منها ساحة جديدة للمواجهة غير المباشرة:
إسرائيل قد تستغل مشاركاتها الرياضية للتأكيد على «شرعيتها الدولية».
بينما تستثمر إيران والجهات المؤيدة لها في الرياضة كوسيلة لإبراز الظلم الواقع على الفلسطينيين، أو لانتقاد ما يسمونه بـ«الازدواجية في المعايير» العالمية.
خلاصة
الحرب بين إسرائيل وإيران لا تدور فقط في سماء الشرق الأوسط أو على شاشات الأخبار، بل تمتد إلى الملاعب، وتؤثر على اللاعبين، والجماهير، والقرارات الرياضية، في لحظة غير مسبوقة من التسييس والانقسام.
وفي حين تبقى الرياضة أملًا نظريًا في مدّ الجسور، فإن الواقع الحالي يُظهر أنها باتت – في بعض الحالات – مجرد امتداد للسياسة، ولكن بأدواتٍ مختلفة.