صفوت بركات يكتب: النية مفتاح صناعة السِّيادة

تَعلَّمُوا النِّيَّة وعَلِّموها للصِّغار، لأنها مفتاح صناعة السِّيادة في الأطفال؛ وليُبدَأ في تعليمها للنّشء في سِنّ مبكّرة، ليس لقبول أعمالهم فحسب، ولكن لأنّها تًشبِع ذَواتهم كما الغذاء لأبدانهم، فهي تجعل النَّفس غنيّة مسئولة عن سلوكه.
وهي تُشبع الذّات الإنسانيّة وتُحصّنها منَ الغفلة والمُيوعة واتّباع النّاس كالإِمّعة حتى لو في الحَسَن والسّيء.
فالنِّيّةُ تَنعَكِسُ على الذّات فتُصلّب اللّيّنِ فتجعله مقدامًا لا جبانًا، وتُلَيّن المُتَصَلِّب فتُذهِب تَعصُّبه وتُهَوِّن تراجعه عن الخطأ للحقّ إذا بان له، وتُحصِّنُ من طبائع القطيع، وتضبط القَصد قبل الإقدام على السَّعي في أيّ اتجاه أو المُضِيّ في أيّ عملٍ وصلًا كان أم هجرًا، صُلحًا كان أم خِصامًا، منعًا أم عطاءً وهي تُعزِّز مناعة الطِّفل أمام السُّوق وصُنّاع الرَّغبات ومثيري الشَّهوات والغرائز نحو مجتمع الأسياد لا الرّقيق.
وهنا يتجلّى سِرّ التّفريق بين لباس الحُرّة السَّيِّدة والأَمَة المُسْتَرِقّة لتنشأ فتيات المسلمين بنفوس السّيّدات فلا ترفع أيّ قيمة على سيادتها كقيمة عُليا تعلو كافّة القِيَم فلا تَتَبَذّل ولا تَتَهتّك في اللّباس كالرّقيق لتُغري كلاب الطُّرُق؛ وحينئذٍ لا يطلبها إلا سيِّد في الخُلُق والطِّباع.