السبت أبريل 27, 2024
حوارات سلايدر

إيران تستخدم أذرعها بذكاء والحوثي ينفذ تعليماتها لصالحها وليس لأجل غزة

إيران لن تتخلى عن حلمها في تشييع العالم الإسلامي كله

ممارسات مليشيا الحوثي خدمت إيران وليس غزة

الصين وضعت قدما لها في منطقة الخليج تنافس بها الولايات المتحدة بسبب الاتفاق السعودي الإيراني

حوار: أبوبكر أبوالمجد

تحولات كبيرة في منطقة الشرق الأوسط والخليج العربي، واضطرابات تشهدها أهم الممرات المائية في العالم، وهي البحر الأحمر وباب المندب، تسوقنا دومًا للوقوف عند آخر التطورات بها من خلال الخبراء والمختصين، لما لها من آثار كبرى على الدول العربية، ولهذا كان حوارنا مع د. مسعود إبراهيم، أستاذ اللغة الفارسية وآدابها بكلية الآداب جامعة كفر الشيخ، والباحث المتخصص في الشأن الإيراني.

* ما الأهداف الإستراتيجية الإيرانية في دولنا العربية ومنطقة الشرق الأوسط وعلاما تستند لتحقيق هذه الأهداف؟

النظام الإيراني هو نظام ديني عقائدي في الأساس، وتأسس على المذهب، وهذا منذ قيام ما تسمى بالثورة الإسلامية عام 1979، فالفكرة كلها أن الدولة التي تأسست على المذهب الديني أو الفكر الديني، حيث يعد المنطلق الديني هو الهدف الأساسي والرئيسي لها، ونظام الجمهورية الإسلامية الإيراني بقياده الخميني رأس النظام في ذلك الوقت، والذي أسس النظام ووضع مذهب الإمامه أو الولي الفقيه، وهذا المذهب ليس فكر ديني فقط؛ ولكنه فكر سياسي أيضًا، يهدف إلى تسيد الشيعة العالم الإسلامي، وأن يكون المذهب الجعفري والمذهب الإثنى عشري هو المذهب الأكبر والأهم للعالم الإسلامي، ونشر هذا المذهب على نطاق واسع في المنطقه، ومن هنا ظهرت فكرة الهلال الشيعي، بأن يصبح المذهب الشيعي هو مذهب أغلبية الأمة الإسلامية، وهذا ما يأخذنا إلى نقطه الصراع العربي أو الصراع السني الشيعي، خاصه الصراع السعودي الإيراني؛ لأن كل منهما يرى نفسه هو الأحق بقياده العالم الإسلامي، فترى إيران أن مذهب الشيعة هو الأحق بقياده العالم الإسلامي، وأن مذهب الشيعة أو الإثنى عشرية هو المذهب الحق، وأن باقي المذاهب خاصة المذهب السني، هي مذاهب ضلال، هكذا يقولون أو هكذا يقول أئمة الشيعة، وأن المنطلق العقائدي والمنطلق الديني هو المنطلق الأهم والأسمى لنظام الجمهورية الإسلامية الإيرانية والذي بناء عليه وضعت أهدافها، ووضعت أدواتها من أجل تحقيق هذا الهدف الاسمى ولذلك تفاخر بعض الايرانيين في البرلمان الإيرانية قبل ثلاثه أعوام بأن إيران أصبحت تسيطر على أربع عواصم عربية، هكذا قالوها، وهكذا قيلت في مجلس الشورى الإسلامي الإيراني، ويقصد لبنان والعراق وسوريا واليمن، وهذا لم يتم إلا من خلال نشر المذهب الشيعي، ونجحت إيران في هذا الأمر بشكل كبير جدًا، وحاولت مع حماس في فلسطين؛ لكن طبعًا مواقف حماس حالت دون إنفاذ طموحها، وحقيقه نرفع لهم القبعة على هذه المواقف.

وثمة بعد آخر هو البعد الجغرافي.. فإيران دولة من الدول التي تمتلك موقعًا جغرافيًا مميزًا للغاية، فهي تربط بين آسيا وأوروبا، وهما قارتان هامتين جدًا، حيث منطقة القوقاز في آسيا ومنطقة الخليج العربي.
والأهم من هذا كله أنها موجودة على معابر مائية مهمة جدًا وتتحكم في مضيق من المضايق التجارية المهمة جدًا في العالم، وهو مضيق هرمز، بالإضافة إلى ما يجري الآن في البحر الأحمر وتهديد الحوثثين (ذراع إيران العسكرية على مضيق باب المندب) فأعتقد أن هذا الوضع الجغرافي أوحى لإيران بأنها لا بد أن تكون لاعبًا أساسيًا ومهمًا في هذه المناطق، وهذا اللاعب الأساسي لا بد أن تكون له أدوات وإمكانيات، ولهذا سعت إيران إلى امتلاك هذه الأدوات والإمكانيات سواء العسكرية أو الديموغرافية وبدأت في تسليح ميليشيات عسكريه لها في هذه المناطق للسيطرة على هذه الممرات وهذه المناطق.
البعد الآخر هو البعد التاريخي، فإيران دولة من الدول ذات الحضارة، واستعادة أمجاد الدولة الفارسية هاجس قومي موجود لدى أغلب الإيرانيين، ولذا يستهدف النظام السيطرة على كل مناطق إيران القديمة لإعادة الامبراطورية الفارسية القديمة مرة أخرى، وامتلاك السلاح النووي أو السعي لامتلاك سلاح نووي وأسلحه متطورة وتفتيت الأمة العربية والإسلامية، وما يجري الآن في كل الدول العربية والإسلامية يصب في فكرة السيطرة والهيمنة والتوسع الجغرافي على حساب دول الجوار خاصة الدول العربية من أجل عودة أمجاد الإمبراطورية الفارسية القديمة.
هذه هي المنطلقات الأساسية لإيران، والتي تتحرك من خلالها، وتسخر كل أدواتها من أجل السيطره والتوسع الجغرافي في النهاية.

* هل يمكن أن تغير إيران يومًا منطلقاتها التي تنطلق منها لتحقيق تعاون حقيقي مع الدول العربية؟

تغيير المنطلقات هو أمر مستحيل طالما هذا النظام قائم؛ لأن تغييرها يعني التخلي عن الفكرة الأساسية لقيام الجمهورية الإسلامية الإيرانية، والتخلي عن الهوية الرئيسية لها. فالمنطلقات العقائدية من المستحيل تغييرها في أي نظام ديني، ولذلك كل ما يحدث من توافقات أو اتفاقيات أو معاهدات بالنسبة لإيران، أو أي دولة في العالم هي كلها لخدمة هذه الأهداف، وربما يكون في وقت من الأوقات تتعرض لضغوط اقتصادية وسياسية وأمنية كبيرة جدًا، وهذه الضغوط قد تدفعها إلى عقد مثل هذه التوافقات من أجل تمرير نقاط أو ظروف تخدم أهدافها الرئيسية، فالكلام مثلًا عن الاتفاق الإيراني السعودي، وجدت إيران كل الأبواب موصدة أمامها في المنطقه وفي العالم، ولذلك كان عليها لزاما أن يكون هناك بابًا آخر لاستنشاق الهواء كما يقولون، والتنفس وتحقيق بعض الأهداف الاقتصادية نظرًا للظروف الاقتصادية الصعبة في الداخل الإيراني؛ لكن هل يعني هذا تخلي إيران عن أهدافها؟
هذا يأخذنا إلى إجابتي على سؤال وجه إليّ في إحدى الورش حول الاتفاق السعودي الإيراني، وهل هو ملزم لإيران؟
يمكن أن نطلق على الاتفاق السعودي الإيراني، اتفاق الأهداف الاقتصادية؛ لكنه اتفاق لا يلزم إيران بالتخلي عن أذرعها العسكرية في المنطقة، فهذا أمر مستحيل؛ لأن أذرعها أصبحت أمر واقع لا يمكن تخلي إيران عنها؛ لأنه على المدى الطويل جدًا لن تتخلى إيران عن فكرة تصدير ثورتها التي تزعم أنها إسلامية للمنطقة، لأن الهوية الرئيسية لجمهورية إيران قائمة على هذا الهدف الإستراتيجي.

* في مصلحة من صب الاتفاق السعودي الإيراني الذي رعته الصين؟ وهل حقق الأماني السعودية منه؟

الاتفاق الإيراني السعودي الذي رعته الصين خدم الطرفين في السعودية، وفي اليمن، وكم فشلت المملكة في إنجاز خطوة مماثلة في أوقات خلت، حتى الدول التي بدأت معها الحرب ضد الحوثيين سرعان ما تخلت عنها، أو بحثت عن مصالحها مهما كانت معارضتها للمصالح السعودية.
هذه الأمور لم تستطع المملكة تحملها، خاصة في ظل الطموحات الاقتصادية العريضة لولي العهد الأمير محمد بن سلمان، لذا كان الاتفاق مع إيران بمثابة وقف للهدر الاقتصادي الكبير، ونزيف الخسائر العسكرية، كما أنها وضعت النظام الإيراني في مأزق، حيث بات ملزمًا بحماية المصالح السعودية من هجمات الحوثيين في الخليج.
لكن مؤخرًا وضح تمامًا أن التزام إيران بهذا الاتفاق ليس على المستوى المأمول، بعد الهجمات الحوثية على سفن التجارة في البحر الأحمر وباب المندب، بزعم أنها سفن تتعاون مع الكيان الصهيوني، وبالطبع عسكرة هذه المنطقة وتشكيل “تحالف حارس الازدهار” فوق هذه الشرايين المائية الهامة، أثر على أهم تجارة لدول الخليج وعلى رأسها السعودية، وهي النفط. من جهة أخرى أفاد هذا الاتفاق الصين، حيث وضعت قدمًا لها في المنطقة لتنافس الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها، ولعل ذلك كان واضحًا في المناورات البحرية الأخيرة في خليج عمان، بالتعاون مع روسيا وإيران.
لكن إجمالًا الصين لن تسمح لإيران بتهديد المصالح السعودية بشكل مباشر، وستضغط على إيران كي لا تستخدم أذرعها ضد مصالح المملكة، ولكن هل الأذرع الإيرانية ستظل تحت سيطرتها؟ هذا ما ستكشف عنه الأيام المقبلة.

* إيران عبر مليشيا الحوثي تضع نفسها في صورة المدافع الأول عن القضية الفلسطينية.. فما حقيقة ذلك؟

لا بد من الاعتراف أن إيران تلعب لعبة ذكية جدًا في المنطقة، فعندما أعلنت إيران أنها ليس لها علاقة بما حدث في السابع من أكتوبر بالإضافة إلى تخلي حزب الله عن دوره بسبب الضغوط اللبنانية الداخلية، وعدم رغبة الشعب اللبناني الدخول في حرب أو مواجهة مباشرة مع إسرائيل كان لزامًا على إيران أن تتحرك في اتجاه آخر، وساعدها في ذلك كثيرًا التمركز الجغرافي لميليشيا الحوثي، وكلنا نعلم أن إيران لديها ذكاء كبير جدًا في التعامل مع التوترات الإقليمية في المنطقة؛ لأنها تتغذى عليها، ومن خلال مليشيا الحوثي استخدمت موقعها الجغرافي على باب المندب والبحر الأحمر لتهديد الملاحة والتجارة في هذا الممر المائي على اعتبار أن ما تفعله ميليشيا الحوثي هو خدمة لإيران وأصبحت معروفة للجميع، وأن ما يحدث في البحر الأحمر هو استخدام ميليشيات عسكرية تابعة لإيران من أجل ممارسه الضغوط على القوى الإقليمية والدولية لتحقيق مكاسب لصالح الدولة الإيرانية، والنظام الإيراني فقط؛ لكن غزة مثلًا وأهلها وقضية فلسطين بكليتها لم تستفد شيئا ذا بال من ممارسات الحوثي الأخيرة.
هذا يعني أنه يمكن القول إنها نجحت في ذلك لما لها من رصيد كبير جدًا في الشارع العربي، خاصه فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، كونها صورت نفسها المدافع الأول عنةالقضية الفلسطينية؛ لكن عندما ندخل في التفاصيل سنجد أن هذه المكانة مجرد شعارات وأنها نجحت في استخدام هذه الشعارات بشكل كبير جدًا، وأنها تستغل القضية الفلسطينية وأصبح الشارع العربي يعلم جيدًا ذلك.
لذا كان لزاما عليها أن يكون هناك شكلًا آخر في التعامل مع الوضع في فلسطين وتغيير الحقائق.

* ثمة خلافات روسية إيرانية في العديد من القضايا غير أننا نجدهما دوما في حالة تآلف.. ما السبب؟

الطرفان الروسي والإيراني يتحركان في كل النقاط التي تمثل عداء بالنسبة للولايات المتحدة وأوروبا، وكلنا يعلم الضغوط والحصار الاقتصادي الذي يفرضه الغرب على روسيا بسبب أوكرانيا، وعلى الجانب الآخر طهران أيضًا معرضة لعقوبات من الولايات المتحدة وأوروبا بسبب تعاونها مع موسكو، فيما يتعلق بحرب أوكرانيا ومصنع الطائرات المسيرة الذي أنشأته روسيا فيها، بالإضافة إلى تصديرها أسلحة إلى روسيا لاستخدامها في أوكرانيا، وكلها مواقف وضعت الطرف الإيراني الروسي في مواجهة الطرف الأمريكي الأوروبي، والتحرك في منطقة الخليج ومنطقة البحر الأحمر الآن يتم في إطار هذه المواجهة.
فمن ناحية تهدد إيران عبر مليشياتها المصالح الغربية؛ بينما روسيا تدعم إيران في مجلس الأمن وعند أي تجمع دولي يستهدفها، فهناك دعم روسي صيني دائم بالنسبة لإيران رغم أن هناك طبعًا قضايا خلافية بين الطرفين الروسي والإيراني خاصة فيما يتعلق بسوريا والتمركز الديموغرافي فيها؛ لكن كما يقول المثل العربي عدو عدوي صديقي، فهذا المثل ينطبق على الطرفين الإيراني فيما يتعلق بالمواجهه الأمريكيه الأوروبية، ولذا سنرى دوما ثمة تنسيق دائم ما بين الطرف الروسي والإيراني فيما يتعلق بالقضايا الإقليمية والقضايا الدولية.

Please follow and like us:
Avatar
صحفي مصري، متخصص في الشئون الآسيوية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

قناة جريدة الأمة على يوتيوب