محمد إلهامي يكتب: عن مقتل السائحين الصهيونيين في الأسكندرية
بعيدا الآن عن النقاش الشرعي، الذي أعرف من واقع الخبرة أن كثيرين يغطون به أذواقهم واختياراتهم، لا أنهم يخضعون له إن عرفوه ولو خالف أهواءهم.
دعونا في نقاش المنطق، وبيان التناقض!
لو كان السائح الإسرائيلي يعصمه في بلادنا أنه أخذ أمانا من حاكم البلد.. فلماذا تؤيدون عمل المقاومة في غزة؟!
فالإسرائيلي على وجه الخصوص حالة وحده، من حيث أنه محتل أولا، مقاتل ثانيا (فهو احتياطي إن لم يكن جنديا)، ولا يلتزم في حروبه لا بعهد ولا بأمان!
ثم إنه أخذ أمانا من حاكم نعرف جميعا أنه حاكم غير شرعي، لا بميزان الإسلام ولا بميزان الديمقراطية، وهذا الأمان هو فرع عن اتفاقيات ومعاهدات غير مشروعة لا بميزان الإسلام، ولا قبلتها الأمة بميزان الديمقراطية، والكل يعرف القصة.
وما إن تتنفس الشعوب نفسا في بلادنا حتى يكون على رأس مطالبها طرد السفير وغلق السفارة وإلغاء الاتفاقيات السياسية وإنهاء التعاملات الاقتصادية.
إن كان هذا كله معروفا ومشهورا ومفضوحا.. فلماذا يُستنكر على شرطي الإسكندرية اليوم.. ولا يستنكر على سليمان خاطر ومحمد صلاح وأمثالهما؟!
فلو أننا قبلنا اتفاقيات السادات ومبارك والسيسي وسياساتهم فقررنا أنها مُلْزِمة لنا، وأن العدو الصريح له الحق أن يتجول في بلادنا رغم أنوفنا.. فلماذا إذن نؤيد عمل المقاومة في غزة؟!
إن الذي يحصل الآن في غزة، هو بهذا المنطق، ليس إلا خروجا على الرئيس الشرعي محمود عباس.. وهذا لم يُعط فقط أمانا للإسرائيليين، بل هو يجند أجهزته الأمنية كلها لمطاردة وتعقب من يقاوم الإسرائيليين.
ولو استؤذن أبو مازن في هذا الذي حصل لقَتَل الذي حمل له الاستئذان، ونصب جثته في أشهر ميدان في رام الله، تقربا من الإسرائيليين والأمريكان!!
فماذا يرى أصحابنا الذين يحترمون السلطة مهما كانت فاسدة ومهما كانت مغتصبة؟! أين يضعون هذا الذي يحصل في غزة؟!
أم أن محمود عباس عميل، والسيسي مصري وطني شريف؟!
لو كان لنا في كل بلد أبطال مثل شرطي الإسكندرية هذا، لكان مسار التطبيع قد تعرقل كثيرا وتوقف كثيرا.. بل الحق أن مسار التطبيع لم يتوقف ولم يتعرقل إلا بمثل هذا البطل الفرد!
وقد ذكرت جولدا مائير في مذكراتها أن عبد الناصر كان مستعدا لزيارة إسرائيل، ولكنه قال: لو زارني بن جوريون لعاد إلى بلاده بطلا، ولو زرت إسرائيل لقتلوني إذا عدت إلى بلدي!
لم يتعرقل ويتعطل قطار التطبيع العلني في الواقع إلا علي يد مصطفى شكري عشو وخالد الإسلامبولي، كلٌّ منهما منح الأمة وقضية فلسطين أربعين عاما من تجريم التطبيع، وتقبل إسرائيل! وعسى الله أن يبعث فينا أمثالهما من جديد!