أخي الكريم الدكتور القدير أحمد موفق زيدان الذي نحبه ونحترمه ونحرص على إتزانه وتوازنه وعدالته.
تمهل وتوازن، ما بالك يا رجل !
فلا مدحك -العجيب الغريب الهش والمضطرب- لتجربة المراجعة النقدية الحضارية عند الشاب أحمد الشرع متوازن ومعقول، ولا سعيك ودعوتك لحل تنظيم وجماعة الإخوان المسلمين السوريين في سياق طبيعي ونزيه! فما الذي دهاك؟
فأما عن تجربة الأخ الشاب أحمد الشرع الذي أخبرك أنه غير مقتنع بكل أفكار القاعدة منذ بداية تجربته في سورية قبل عقد كامل! هلا تساءلت عن إيقاع عمله الثوري المشهود لدى جميع الكيانات والجماعات الإسلامية والثورية؟ وماذا كان سيصنع يا ترى أكثر مما صنعه لو كان مقتنعا بأفكار القاعدة؟
وأما عن تنظيم الإخوان الذي كنت تنتمي أنت له -ولم أنتمي أنا في كامل حياتي الدعوية تنظيميا له-، فلماذا تأتي دعوتك لحل الجماعة في سياق -متهم ومدان- مطلب بحل كل الأطر المجتمعية والدعوية والإسلامية في سورية الجديدة؟
أليس ذلك ليتألق الفرد الواحد واللون الواحد بالنفوذ والصلاحيات والسلطان؟
إن الدعوة السوية يجيب أن توجه لجميع الحركات الإسلامية، السلفية منها قبل الإخوانية، وذلك بضرورة المراجعة لأخطاء التجارب، والتصورات العليلة، والارتباطات الفاسدة، التي لم تخل منها عموم الحالات السلفية كما الإخوانية -إلا من رحم الله-.
وإذا كان المقصود هو إتباع الحق وما ينفع الناس، فهل خلت الحركات الإسلامية الإخوانية من جوانب الخير، والحضور الفاعل في مواجهة تحديات المشاريع المعادية؟ أوليس تاريخها على ذلك شاهد؟
لقد جلست في زيارات ولقاءات خاصة بقامة العمل الإسلامي الأخلاقي في سورية الشيخ الأستاذ الراحل عصام العطار رحمه الله، ورغم أنه خرج من تنظيم الإخوان مبكرا في السبعينيات إلا أنه لم يتحدث بما تحدثت به حضرتك!
**إن عقلية وعقيدة اللون الواحد مهلكة بامتياز، وطالما كان هدف جميع الحركات الإسلامية السلفية والإخوانية الوصول للدولة لإقامة حكم الشريعة والعدل بين الناس ودعوتهم لما ينفعهم في الدنيا والآخرة، فأين تكمن المعضلة عندما فتحت الساحة السورية لتحل بها جميع الأطر ذات التجارب الغنية والقيادات الخبيرة في الجوانب السياسية والدعوية والإصلاحية؟
إن أحمد الشرع شاب فقير من ناحية التجارب السياسية والدعوية، وعمره في الجهاد أصغر من عمر زيتونة في الشام، وهو محتاج حقا لكل الخبرات الإسلامية والقيادات العاملة في الساحات العربية والإسلامية، كما أن المجتمع السوري وشرائحه المتباينة تحتاج لكل الجماعات الإسلامية الفاعلة والمنضوية تحت إطار الدولة الجديدة والمناصرة للثورة السورية والمنتمية للأمة.
أما عن الأخطاء فإن ما ارتكبته جماعات الإخوان المسلمين من طنجة إلى جاكرتا في المجال الدعوي والجهادي والسياسي خلال ثمانية عقود، وقع به أحمد الشرع في عشر سنوات حافلة بالمواقف والأحداث!
أخي العزيز أحمد موفق زيدان .. أقول لك هذا لأننا كمسلمين بحاجة لك ولأمثالك، فحافظ على نفسك وتوازن، والأيام القادمة حبلى بالمنعرجات والمفاجآت التي يديرها الكاهن الدولي اللعين، وفي كل منعرج سنندم ونتحسر على كل إطار تم حله وأسعد الكاهن تفكيكه!
وإننا جميعا معك في وجوب إسناد الدولة السورية الجديدة والوقوف خلفها، كما نقف إلى جانب أحمد الشرع ونؤيده كمسلمين منتمين في كل خير، ونأخذ على يده في كل ظلم أو خطأ أو موقف يناقض دين الله، أو تصرف لا يحفظ مصالح الناس، لاسيما وهو أيضا من فصيلة البشر وليس معصوما عن الخطأ تماما كما الإخوان المسلمين والسلفيين وجميع العاملين في الميادين.
ختاما يا أخي الحبيب الدكتور أحمد موفق زيدان، إذا تصفحت كتبي الثلاثة التي أهديتك إياها مؤخرا، فستجد فيها نقدا لتجارب الإخوان المسلمين في فلسطين ومصر والعراق والمغرب وغيرها، كما ستجد نقدا للحركات السلفية القاصرة، لكنه نقد في سياق تدعيم الخير والاستفادة منه، والتخلص من الجوانب السلبية والأخطاء، والدعوة للتجديد على أصول السليمة.
فقل للسيد الرئيس أحمد الشرع أننا نحبه وندعو له ونؤيده في كل خطوة خير ونفرح بكل إنجاز حقيقي يدعم تمكين الدين ويحقق مصالح السوريين، وباعتباره -كما حالنا في جنين- من الفلاحين والمجاورين لفلسطين، لو أن سايكس بيكو عطسا لأصبح هو وربعه وعشيرته من الفلسطينيين، وفي بلادنا نقول: اللي ما عندو كبير بدور على كبير، فلماذا يفكك إطار المجلس الإسلامي السوري ثم يسعى لحل جماعة الإخوان المسلمين، وذلك قبل أن يستتب الأمر للمسلمين وقبل أن تحكم الشريعة الإسلامية سورية وقبل أن تزول الأخطار المحيطة بسورية، وفي ظل تحديات مريعة ستشهدها ساحة الشام تحتاج لأكثر من المتواجدين بخبراتهم وأطرهم وامتداداتهم العربية والإسلامية؟
فهل يعي أخونا أحمد الشرع الوقائع الموضوعية اليقينية اليوم، بدل حديثه عن أوهام وملابسات التجربة السابقة الغامضة والظنية؟