في خطوة طارئة، وجهت اللجنة الدولية للبحث عن العدالة (ISJ)، وهي مؤسسة حقوقية بارزة تضم برلمانيين ومسؤولين أوروبيين، نداءً عاجلاً إلى كبار مسؤولي حقوق الإنسان في الأمم المتحدة، داعيةً إلى تدخل فوري وحازم.
حذرت اللجنة في مراسلتها من أن النظام الإيراني يسعى لتدمير مقبرة جماعية تاريخية تحتوي على رفات آلاف السجناء السياسيين من حقبة الثمانينات، وذلك في وقت تشهد فيه إيران تصاعداً خطيراً في وتيرة الإعدامات والقمع الداخلي.
وبعث قادة اللجنة بحسب المارض الإيراني نظام مير محمدي برسالة إلى كل من فولكر تورك، المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان، والدكتورة ماي ساتو، المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بحالة حقوق الإنسان في إيران.

وحثت الرسالة على اتخاذ إجراءات عاجلة لمنع السلطات الإيرانية من تنفيذ خططها لتدمير “القطعة 41” في مقبرة بهشت زهرا بطهران، وهي موقع دفن ما يقرب من 9,500 سجين سياسي، معظمهم من أعضاء منظمة مجاهدي خلق الإيرانية، أُعدموا خلال الثمانينات.
ووصفت الرسالة، التي وقعها أليخو فيدال كوادراس، رئيس اللجنة والنائب السابق لرئيس البرلمان الأوروبي؛ وستروان ستيفنسون؛ وباولو كاساكا، هذا الإجراء بأنه “اعتداء على الذاكرة والحقيقة والعدالة”.
اعترافات رسمية وتدمير متعمد للأدلة
أشار قادة اللجنة إلى أن نائب عمدة طهران أقر بأن أرض المقبرة سيتم تحويلها إلى موقف للسيارات بتفويض من أعلى مستويات السلطة،
واعترف مدير المقبرة علنًا: “لقد سوينا المكان بالأرض”. ووصفت اللجنة هذا بأنه “محاولة محسوبة لمحو أدلة الإعدامات الجماعية التي اعترف بها خبراء الأمم المتحدة كجرائم ضد الإنسانية وإبادة جماعية”.
كما لفتوا الانتباه إلى الاعتراف المروع لنائب العمدة بأن القطعة 41 كانت مقبرة “المنافقين”، وهو المصطلح المهين الذي يستخدمه النظام لوصف أعضاء منظمة مجاهدي خلق، واعتبروا ذلك “اعترافًا يؤكد نية النظام ليس فقط في طمس الجثث، بل أيضًا إرث أولئك الذين قاوموا طغيانه”.
تصاعد القمع وقضية مريم أكبري منفرد
لفتت الرسالة الانتباه أيضًا إلى الإعدامات المستمرة والاضطهاد السياسي، حيث تم مؤخرًا إعدام عضوين من منظمة مجاهدي خلق بتهمة “المحاربة”، بينما لا يزال 14 آخرون على الأقل في انتظار تنفيذ حكم الإعدام بنفس التهمة المزعومة. وأكدت الرسالة أن “جريمتهم الوحيدة هي ارتباطهم بحركة تجرؤ على تصور إيران ديمقراطية”.
وسلطت الرسالة الضوء على محنة مريم أكبري منفرد، وهي أم لثلاث بنات مسجونة منذ 15 عامًا دون إجازة، كرمز لهذا القمع. “جريمتها” كانت المطالبة بالمساءلة عن إعدام ثلاثة من إخوتها وأختها، اثنان منهم كانا من ضحايا مجزرة عام 1988.

وذكرت الرسالة أن “قضيتها تجسد سياسة النظام في معاقبة ليس فقط النشطاء السياسيين، بل أيضًا أولئك الذين يطالبون بالحقيقة والعدالة لأحبائهم المقتولين”.
حذر الموقعون من أن الصمت في مواجهة مثل هذه الانتهاكات ليس محايدًا، بل “يفسره كل من النظام والضحايا على أنه تواطؤ وإفلات من العقاب”. وأضافوا أن “هذه الانتقائية تقوض مبادئ العالمية والحياد التي بني عليها إطار حقوق الإنسان”.
مطالب واضحة للأمم المتحدةدعت اللجنة المفوض السامي والمقررة الخاصة إلى:
1. إدانة تدنيس القطعة 41 وبدء تحقيق مستقل في المقابر الجماعية والفظائع السابقة.
2. التنديد علنًا بأحكام الإعدام واضطهاد السجناء السياسيين.
3. المطالبة بالمساءلة عن تدمير القطعة 41 ومواقع دفن أخرى في جميع أنحاء إيران.
4. تأكيد حقوق جميع الإيرانيين في حرية التعبير وتكوين الجمعيات والمعتقد.
واختتمت الرسالة بالقول: “يجب ألا يُسمح للنظام الإيراني بإعادة كتابة التاريخ بالجرافات والصمت. يجب الحفاظ على ذكرى شهداء القطعة 41 البالغ عددهم 9,500، لا محوها. حان وقت الوضوح الأخلاقي. حان وقت العمل الآن”.