الأحد مايو 5, 2024
بحوث ودراسات

د. حلمي الفقي يكتب: الحرب في الإسلام رحمة بالإنسان وصناعة للسلام

الحرب دمار وخراب

الحرب هي واحدة من أهم مصادر الخراب والدمار والقتل وسفك الدماء والمظالم العظام، هذا ما استقر في الوجدان الإنساني في كل أرجاء الدنيا، وهذا ما شهدت به التواريخ، ونطقت به النفوس والأرواح والحجر والشجر في كل زمان ومكان.

كانت الجيوش أخطر من الوحوش، فكانت مظالم الوحوش معروفة محدودة، فالوحش لا يقتل إلا ليأكل، ولا يفسد عامرا، ولا يقلع شجرا، ولا يهدم حجرا، أما الجيوش البشرية فتقتل للقتل والتخريب والتدمير، وتهلك الحرث والنسل، وتقتل العباد، وتدمر البلاد، وتخرب العمران، وتدمر البنيان، بلا رحمة، ولا شفقة، إلا نشر الشر والفساد، والرعب بين العباد.

هذا هو واقع الحرب في الوجود الإنساني كله، والاستثناء الوحيد من هذا كله هو الحرب في الإسلام، فهي الحرب الوحيدة التي ترحم الإنسان، وتصنع السلام، وتعمر البنيان.

الحرب في الإسلام رحمة للعالمين، وأمان للخائفين، وإنصاف للمظلومين، وإنقاذ للمفتونين، ونجدة للمستغيثين، وغوث للملهوفين، وعدالة للمضطهدين، وتأديب للظالمين، وإذلال للمستكبرين.

الحرب في الإسلام تصون وتحمى دماء الأعداء، فضلا عن الأولياء.

سؤال واستنكار        

ويتبادر إلى الذهن سؤال، كيف للحرب التى هى وسيلة للقتل وسفك الدماء، أن تحمى دماء الأعداء فضلا عن الأولياء؟ هذا وهم يكذبه الأغبياء قبل الأذكياء، فما الدليل على صحة هذا الادعاء؟

وفى الجواب نقول

الحرب في الإسلام شريعة ربانية، هدفها الرحمة بالإنسانية، وحماية البشرية، والحرب فى غير الإسلام شريعة أرضية، هدفها الأطماع الشخصية، والنزعات الشيطانية، والعصبيات الجاهلية، والنعرات القومية.

والدليل على ما نقول

ما نقوله صحيح لا شك فيه، وحق لا لبس فيه، وواقع لا تخطئه عين، وحقيقة أثبتها التاريخ، وارتفع صداها في أفاق الكون، وسمعت صراخها أذن الدنيا، وجلجت جنبات السماء، إن أقوى دليل في الفكر الإنساني كله على إثبات أي ادعاء، إذا تحول من طور النظرية إلى الواقع الذي تراه العيون، هو ما يعبر عنه علماء المنطق بـ«الوقوع»، فيقولون: الوقوع أقوى دليل على اثبات الادعاء.

وحشية الغرب في الحرب

في كتابه نهاية التاريخ ادعى الكاتب الأمريكي ذي الأصل الياباني فرنسيس فوكوياما أن الإنسانية وصلت إلى نهاية التاريخ، وأن حضارة الغرب بلغت قمة التحضر الإنساني، ولكن الحقيقة التي لا شك فيها أن سلوك الحضارة الغربية يثبت أنها بلغت ذروة الانحطاط الأخلاقي، وليست قمته، والأدلة على ذلك تفوق الحصر، منها:

 1 – في حرب واحدة في بلد واحد بين أبناء دين واحد قتل فيها أكثر من عشرة مليون انسان، إنها حرب الثلاثين عاما في المانيا بين النصارى من جهة وبين النصارى من جهة، وبدأت هذه الحرب في 1618 الى 1648 م

 وفى مذبحة باريس في 24/8/1572م بين البروتستانت والكاثوليك، وقتل فيها أكثر من خمسين ألف في ليلة واحدة.

وربما يقول قائل هذه حروب قديمة وقد تحضر الغرب، وأصبح أكثر إنسانية، وتطورت قوانين الحرب لديه لتحافظ على النفس الإنسانية، نقول حسنا، خذ هذا الدليل.

 2 – في الحرب العالمية الثانية والتي بدأت في العام 1939م لم يكن فيها دولة واحدة مسلمة، وكان طرفي هذه الحرب الكونية المدمرة نصارى، وقتل في هذه الحرب قرابة خمسين مليون إنسان.

3 – في أكتوبر من العام 2023م شنت أمريكا وإسرائيل، ومعهما ألمانيا وبريطانيا وفرنسا، حربا قذرة شرسة على قطاع غزة في فلسطين، وفرضوا حصارا كاملا على المدنيين والمرضى والأطفال والنساء، وكل سكان القطاع بلا استثناء، ومنعوا عنهم الغذاء، والدواء، والكساء، بل ومنعوا عنهم الماء، والكهرباء، ودمروا المستشفيات، والمساجد، والكنائس، بل دمروا أكثر من ثلثي القطاع، وخربوا العمران، ودمروا البنيان، وأهلكوا الحرث والنسل، ولم يسلم من ظلمهم وبطشهم طير في وكره، ولا وحش في قفره، ليثبتوا للتاريخ وللدنيا كلها أن الغرب يمثل قمة الانحطاط الإنساني في التاريخ كله.

الحرب في الإسلام رحمة بالإنسان، وصناعة للسلام

فما دليل ذلك؟

   حسم المسلمون الكثير من المعارك الحربية بلا قتيل واحد

والمعارك العسكرية التي حسمها المسلمون بلا قتيل واحد لا تعد ولا تحصى ومن هذه المعارك على سبيل المثال لا الحصر:

١ – في شوال سنة ٢هجرية = أبريل ٦٢٤ م

معركة بنى قبنقاع وطردهم من ديارهم بلا قتيل واحد

٢ – في ربيع الأول سنة ٤هجرية = أغسطس ٦٢٥م

معركة بنى النضير وطردهم من ديارهم بلا قتيل واحد

٣- فتح المسلمون القدس في ربيع الأول سنة ١٦هجرية = أبريل ٦٣٧م بلا قتيل واحد

واحتل الصليبيون القدس في ٤٩٣هجرية = ١٠٩٩م فقتلوا وذبحوا سبعين ألفا من المسلمين

٤ – حرر صلاح الدين الايوبي القدس في رجب ٥٨٣ هجرية = ١١٨٧م ودخل القدس بلا قتيل واحد

ثم دخلها اليهود في ١٣٤٧هجرية = ١٩٦٧م فارتكبوا مجازر يندى لها الجبين

٥ – في صفر سنة ١٦هجرية = مارس ٦٣٧م دخل المسلمون المدائن عاصمة الفرس بلا قتيل واحد

وغير ذلك الكثير والكثير

ليثبت المسلمون للدنيا كلها

أن الإسلام هو صانع السلام الوحيد في العالم اجمع.

وذلك امتثالا لأمر ربنا في القران الكريم: {وإن جنحوا للسلم فاجنح لها}

ولقوله تعالى: {وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين}

واما التوراة فقد جاء في سفر التثنية الإصحاح العشرون: ” حين تقرب من مدينة لكي تحاربها استدعها إلى الصلح

فإن أجابتك إلى الصلح وفتحت لك، فكل الشعب الموجود فيها يكون لك للتسخير ويستعبد لك

وإن لم تسالمك، بل عملت معك حربا، فحاصرها

وإذا دفعها الرب إلهك إلى يدك فاضرب جميع ذكورها بحد السيف

6 – الجهاد في الإسلام يصنع السلام والأمان للمسلمين وغير المسلمين

هل رأى العالم كله معركة عسكرية بين جيشين كبيرين تنتهي بفوز كبير للمسلمين وهزيمة نكراء للكافرين بلا قتيل واحد؟

نعم بلا قتيل واحد! بل بدون قطرة دم واحدة!

هذا ما فعله خالد بن الوليد أحد عباقرة الإنسانية كلها في فنون القتال عبر الزمان والمكان

كان ذلك في فتوحات العراق في عهد الخليفة الأول أبوبكر الصديق -رضى الله عنه-

وفى معركة عين التمر أراد عبقري الدنيا كلها والذي لم يشهد تاريخ الإنسانية كلها له شبيه أو نظير أن ينهى المعركة بلا قتيل واحد، وبدون قطرة دم واحدة فماذا فعل؟

هجم خالد على جيش الكافرين -والذي كان بقيادة عقة بن أبى عقة- وأثناء تسوية عقة لصفوف جيشه باغته خالد بمفرده بهجوم مفاجئ واحتضنه خالد وأسره وفر خالد بعقة سليما بلا قطرة دم واحدة ومن هول المفاجأة فر جيش عقة مهزوما

وانتصر المسلمون في هذه المعركة بلا قتيل واحد وبلا قطرة دم واحدة من الجيشين

إنها عبقرية الإسلام في فنون القتال والتي تحافظ على دماء الأولياء ودماء الأعداء في وقت واحد.

حقا إنه الدين الحق الوحيد في هذا الوجود

حقا إنه أمل الإنسانية الوحيد في العيش بسلام فوق ظهر هذا الكوكب

Please follow and like us:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

قناة جريدة الأمة على يوتيوب