الأحد مايو 5, 2024
مقالات

صلاح الإمام يكتب: مع الحشاشين (7)

كما سبق وأكدت أن المسلسل فيه أحداث وشخصيات من خيال المؤلف كما أنه أغفل أحداثا وقعت وشخصيات كان لها دورا في دعوة حسن الصباح الضالة المضلة.. وتم تغيير (أو تزييف كثير من الوقائع) للتخديم على الهدف الأساسي للعمل الدرامي!!

لكن سنتغاضى هذا وذاك مادام المخرج قال إن العمل مستوحى من التاريخ وليس تاريخا حقيقيا..

لكن ما كنت أتعجب له هو شخص (بزر أميد) وهو شخصية حقيقية بعكس شخصية (زيد ابن سيحون) الذي كان الذراع الأيمن لحسن الصباح وفي الحقيقة أنها شخصية لا وجود لها وهي من خيال الكاتب.. لكن (بزر أميد) اسمه الحقيقي (بزرجميد) وتنطق بضم الباء.. وهو الدور الذي برع فيه الممثل سامي الشيخ وأعتقد أنه كان أفضل أداء في كل طاقم العمل.

بزرجميد هو الذي خلف حسن الصباح في قيادة ورئاسة فرقة الحشاشين بعد وفاته عام 1124 وخلف بزرجميد ابنه محمد بعد وفاته عام 1138 حتى وفاته عام 1162 ثم جاء من بعده شخص يسمى (الحسن على) وادعى أنه كان مخفيا ثم عاد واخترع لمناسبة عودته مناسبة أطلق عليها (عيد القيامة)!!

وبعد أربع أعوام عام 1166 قتل الحسن على وخلفه في قيادة الحشاشين ابنه محمد وكان وقت توليه القيادة عمره 19 سنة واستطاع أن يرسخ قصة (القيامة) التي زعمها والده.

توفي الحسن عام 1210 وخلفه ابنه جلال الدين الذي أمات نظرية القيامة التي اخترعها جده ورسخها والده، وقام بإصلاحات كثيرة في المعتقد الديني لطائفتهم وأرسل مبعوثين للخليفة العباسي وللسلطان السلجوقي بهدف تحسين العلاقات معهم وطالب بإرساء قواعد الشريعة ونالت أفعاله استحسان الكثير من الأمراء وبالذات الخليفة العباسي.

ثم مات جلال الدين بعد 10 سنوات وخلفه ابنه الوحيد علاء الدين وكان عمره 9 سنوات فكان وزير أبيه هو من يحكم القلعة فواصل سياسة الاغتيالات لكل أعداء طائفته ومات علاء الدين في ظروف غامضة عام 1255 ليخلفه ابنه ركن الدين.. لكنه لم ينعم بحكمه إذا تمكن المغول بقيادة هولاكو من اقتحام قلعة آلموت عام 1256 وتم تدمير القلعة المرعبة التي كانت الحصن الحصين للحشاشين فانتشر المنتمون إليها في أرجاء أصفهان وفارس وخوارزم وظلت طائفتهم موجودة ويتم نقل الإمامة من شخص لآخر حتى زمننا هذا.. وعدد المنتمين إليها قرابة ١٢ مليون موزعون في دول كثيرة لكن أغلبهم مقيمين في الهند وباكستان وإيران..

في مصر وتحديدا في أسوان يوجد مزار سياحي شهير هو قبر (الأغا خان الثالث) وهو زعيم الطائفة الاسماعيلية النزارية (الحشاشين) رقم 48 وجاء لأسوان بناء على نصيحة من الأطباء للعلاج وأقام بها وابتنى فيها قصرا صغيرا له وأوصى بدفنه في أسوان فلما مات عام 1957 أقيم له مشهدا كشأن الأمراء الفاطميين صار مزارا سياحيا (!!) ثم تأسست في مصر مؤسسة ثقافية خيرية (مؤسسة الأغا خان) ساهمت في ترميم بعض الآثار الاسلامية وأشهر أعمالها حديقة الأزهر التي تعد من أجمل حدائق مصر قاطبة..

الأغا خان الرابع والخميني

رئيس الطائفة الحالي الذي هو الزعيم رقم 49 لطائفة الحشاشين هو الأمير شاه كريم الحسيني ولقبه (الأغا خان الرابع) وآلت إليه إمامة الطائفة بعد وفاة جده الأغا خان الثالث عام 1957 ومازال هو رئيسها حتى الآن وهو من مواليد سويسرا عام 1936 وتخرج في جامعة هارفارد ويعد من كبار أثرياء العالم إذا تبلغ ثروته حوالي 14 مليار دولار وهو ينفق على كثير من المشروعات الخيرية في العالم ويرتبط بعلاقات جيدة للغاية مع الحكومة المصرية.. لكن هو خليفة حسن الصباح رقم 49.. خليفة الرجل الذي اخترع مذهبا خارج قواعد الدين الإسلامي وأسس أسلوبا دمويا لكل من يختلف معه وهو القتل وادعى أنه يملك مفتاح الجنة (!!).

والطريف أن قصة مفتاح الجنة هذه أحياها الخميني بعد عودته لإيران وجلوسه على عرشها فكان يوزع (تمائم) تصنعها له الصين ويقول عنها أنها مفتاح الجنة!!

أما ملاحظاتي الأخيرة على المسلسل كعمل فني هو أن الممثل كريم عبد العزيز كان آخر ممثل يصلح للقيام بدور حسن الصباح ولو كان الممثل فتحي عبد الوهاب هو الذي أدى دوره لكان أفضل وأيضا كان أحمد عيد أو سامي الشيخ (بزرأميد) لو كان أيا منهما قام بدور حسن الصباح لكان أفضل بكثير من كريم عبد العزيز..

والخلاصة وكما قلت سابقا أن المخرج فشل في صنع عمل مستوحى من التاريخ مثل شخصية «دراكولا» بما فيها من رعب.. أو عمل من الخيال العلمي مثل شخصية «بات مان» بما فيها من إبهار!!

العمل في جملته كان ضعيفا هشا غير مقنع رغم المبالغ الضخمة جدا التي أنفقت عليه..

Please follow and like us:
صلاح الإمام
كاتب صحفي مصري حر مستقل باحث ومحقق في التاريخ

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

قناة جريدة الأمة على يوتيوب