الثلاثاء أبريل 30, 2024
مقالات

عامر شماخ يكتبك «الڨيتو».. جريمةٌ في حقِّ الشعوبِ المستضعفةِ [1/ 2]

مشاركة:

«حق النقض» أو ما يُعرف بـ«حق الڨيتو»، هو حقُّ الاعتراض على أي قرار يُقدّم من «مجلس الأمن» التابع لـ«الأمم المتحدة» دون إبداء الأسباب، من جانب خمس دول فقط دائمة العضوية في المجلس هي: أمريكا وبريطانيا وفرنسا وروسيا والصين..

 نتج «حق الڨيتو» عند تأسيس «الأمم المتحدة» وبموجب موازين القوى ومنطق الدول المنتصرة في الحرب العالمية الثانية؛ إذ اشترط الخمسُ الكبار، وهم من يمتلكون أسلحة نووية، عدم إمكانية قيام الهيئة دون منحهم هذا الحق، فوُضعت لذلك المادةُ السابعةُ والعشرون من ميثاق الأمم المتحدة، وعلى الرغم من أن تلك المادة لم تذكر في فقراتها الثلاث كلمة «ڨيتو» فإن الممارسة العملية كرّست للدول الخمس هذا الحق، مستندةً إلى نصّ الفقرة الثالثة التي تشير إلى أن رفض القرار من أيتهنّ يعطِّل إصداره..

 وإذا كان «مجلس الأمن» يضم في عضويته عشر دول أخرى ذات عضوية دورية تمتد لسنتين وتختارها «الجمعية العامة للأمم المتحدة»؛ فإنه ليس من حقها هذا الاستثناء الذي يشلّ قدرة «مجلس الأمن» على اتخاذ قرار حتى لو وافق عليه الدول الأربع عشرة الباقية.. وبمراجعة مواقف الدول الخمس في استخدام «حق الڨيتو» يتضح أنها استخدمته فقط لمصالحها ومصالح الدول المرتبطة بها وبشكل مفرط، على حساب حقوق الإنسان، دون أي سند قانوني أو أخلاقي أو شرعي.

من المؤكد أن هذا النظام المعمول به داخل «مجلس الأمن» مخالفٌ للقواعد الأساسية لقيم الديمقراطية الغربية؛ فإن الدول الخمس -من حيث المبدأ- لم تُنتخب لعضوية المجلس مثل الدول العشر الأخرى، وهى لا تصوّت على القرارات بنظام الأغلبية المعروف؛ ما جعل ذلك محل جدل، اتُهمت «الأمم المتحدة» بناء عليه بالتقاعس عن اتخاذ إجراءات بشأن جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية؛ لعدم قدرتها على معارضة الأعضاء الدائمين وحلفائهم، بل أدّى في أغلب الأوقات إلى توجيه «مجلس الأمن» وفق رغبات الدول الخمس ومصالحها دون النظر إلى أي اعتبارات أخرى..

 وبالمثل؛ أدّت تداعيات استخدام «حق الڨيتو» إلى استمرار انتهاكات حقوق الإنسان؛ ما خلّف آثارًا سلبية هائلة على المدنيين خصوصًا في الدول العربية والإسلامية؛ باستعماله لتعطيل وقف إطلاق النار وهو ما يترتب عليه المزيد من الضحايا الأبرياء، أو منع تمرير مساعدات إنسانية لهؤلاء المدنيين، مثلما حدث عقب «الڨيتو الأمريكي» ضد أهل غزة، وهو في الحقيقة انتهاك لأدنى حقوق الإنسان وفى مقدمتها الحق في الحياة الذى تعتبره «الأمم المتحدة» مقصدها الأسمى..

 لقد استعان الأمين العام للأمم المتحدة «أنطونيو جوتيريش» بالمادة التاسعة والتسعين من ميثاق «الأمم المتحدة» لدعوة «مجلس الأمن» للانعقاد لوقف الحرب على «غزة» بعدما ساءته الأوضاع الإنسانية بها، إلا أن «أمريكا» كان لها القرار الأخير حينما استخدمت «حق الڨيتو»، وبذلك أعطت الصهاينة الحق في ارتكاب مئات المجازر الأخرى تحت سمع وبصر العالم وفى القرن الحادي والعشرين.

منذ تأسيس «الأمم المتحدة» عام خمسة وأربعين، تم استخدام «حق الڨيتو» نحو ثلاثمائة مرة، انفرد «الاتحاد السوفييتي» ووريثته «روسيا» بقرابة النصف، تليها «الولايات المتحدة» بنحو ثمانين مرة، نصفها لحماية «إسرائيل»، واستخدمته «بريطانيا» ثلاثين مرة، و«فرنسا» عشرين مرة، و«الصين» خمس عشرة مرة..

أما أولى الدول استخدامًا لـ«حق النقض» فكان «الاتحاد السوفييتي» عام ستة وأربعين، وظل هو الدولة الوحيدة التي تستخدمه لعشر سنوات متتالية، ومنذ انهياره عام واحد وتسعين وحلول «روسيا» مكانه لم تلجأ إلى «حق الڨيتو» سوى خمس مرات، أربع منها متعلقة بدول عربية أو إسلامية؛ مرة لمنع قرار ينتقد قوات «صرب البوسنة»، وثلاث مرات من أجل منع تمرير قرارات تتعلق بإدانة النظام السوري، أو بمنع المساعدات الإنسانية للوصول إلى المدنيين في شمال غرب سوريا عبر الحدود التركية من دون الحصول على إذن مسبق من دمشق.. أما «أمريكا» فقد استخدمته لأول مرة في مارس عام سبعين في قضية متعلقة بـ«روديسيا»، واستخدمته في نحو أربعين مرة بعد ذلك لنقض قرارات تدين «إسرائيل» وتدعم الحقوق الفلسطينية.

Please follow and like us:
عامر شماخ
كاتب صحفي مصري

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

قناة جريدة الأمة على يوتيوب