مقالات

مضر أبو الهيجاء يكتب: فك الالتباس في موقفي من حركة حماس (2-5)

بداية الخلل الشرعي والتيه السياسي عند حركة حماس

استدعى خيار قيادات حركة حماس الذين تصدروا المشهد في الداخل والخارج -وذلك بعد استشهاد الشيخ المؤسس أحمد ياسين رحمه الله، واستشهاد خليفته وضمير الجهاد الدكتور عبدالعزيز الرنتيسي- وذلك بعد أن أصبحوا رجال سلطة، أن يبحثوا عن حلفاء داعمين ماليين ليقوموا بعماد السلطة وليس لدعم الجهاد الذي كان قائما قبل الحسم في غزة قرابة عقدين أوجعوا فيهما المحتلين وأرعبوا المستوطنين وزلزلوا المحتلين بأعمال جهادية فدائية ردعت المحتل وكانت سببا في تراجع الكيان الإسرائيلي عن قضمه للأرض وتردده في القدس، حتى كانت قيادات الصهاينة تحسب ألف حساب بل لا يجرؤ أحدهم على اقتحام الأقصى.

وفي تلك اللحظة وحلول الرغبة الجامحة بالمحافظة على سلطة مخصية في بقعة جغرافية مقتولة عسكريا، اصطادت إيران اللحظة وتقدم الملالي واحتضنوا قيادات حركة حماس كما احتضنوا قيادات حركة الجهاد من قبل، بل زادوهم احتضانا ودعما وفتحوا أمامهم الأبواب كونهم أصبحوا سلطة خلافا لحركة الجهاد التي بقيت رافضة للمسار السياسي لأوسلو، والذي قبلته حركة حماس في واقع الحال وبقيت ترفضه في المقال.

دخول إيران على خط الجهاد في فلسطين

استوعب الملالي الإيرانيين حاجات حركة حماس فوفروا لها دعما ماليا سياسيا وعسكريا محدودا وفتحوا لها الساحة اللبنانية وعززوا علاقتها مع النظام السوري حتى أصبحت إيران تتربع في أحشاء الحركة شيئا فشيئا، ثم توسعت العلاقة بين إيران وحركة حماس لاسيما في ظل المعارك الجزئية التي تقع بين كتائب القسام والقوات الإسرائيلية حتى أصبحت إيران تتربع على عرش المقاومة الفلسطينية مستخدمة إياها في سبيل الترويج لتوسعها المذهبي بين العرب والمسلمين، ومتخلصة من صورتها البشعة نتيجة اجرامها في العراق والشام!

الصراع بين المشروع الإسلامي وإيران حول حركة حماس

لقد انطلقت بجهودي الشخصية محاولا فك العلاقة بين الحركة والمشروع الإيراني انطلاقا من ايماني بأن حصيلة ما بنته حركة حماس في جانبها الدعوي من خلال الدعاة، والعسكري من خلال كتائب عزالدين القسام هو ملك للأمة العربية والإسلامية والشعب الفلسطيني وليست ملكا لإيران المعادية وان ادعت المقاومة.

وقد اعتبرت أننا نخوض صراعا حقيقيا مع الملالي الإيرانيين فيمن سيحوز منا على حركة حماس ومكوناتها، فهل ستكون الأمة من يفوز بها ويحفظها أم ستكون إيران هي من يستولي عليها ليستخدمها لصالح مشروعه الطائفي التوسعي المعادي للأمة والمخالف لدينها؟

والواقع يشهد بأن التقاء ثلاثة عناصر أدى في النهاية لتكون إيران هي الأقرب لحيازة الحركة بالمعنى السياسي، وذلك لتستخدمها وتستفيد من جهودها ومن تضحيات الشعب الفلسطيني تحت لوائها في الميدان القتالي وتعلو أسهمها في المنطقة!

فلقد اجتمع تواطؤ الأنظمة العربية على الحركة الإسلامية المقاومة مع مشروع الخميني الذي أشار بوجوب أن يكون لإيران يد في القضية الفلسطينية، مع خلل التفكير وخراب المنهج السياسي عند القيادات النافذة في الحركة لتصبح حركة حماس أقرب لإيران في فضائها السياسي منها إلى  قضايا أمتها العربية وثوراتها، الأمر الذي عبرت عنه بعض قيادات حركة حماس بالتواصل مع الأذرع الإيرانية -التي نكلت بشعوب أمتنا- وبناء مشروعها التحرري بناء على تصور جديد تحت مسمى وحدة الساحات مع المحور الشيعي الإيراني في لبنان والعراق واليمن وسورية، وجميعها دول نحرت إيران شعوبها المسلمة!

الصراع بين حماس والمشروع الإسلامي حول سوية خيارها في مسار التغيير والتحرير

لم تتوقف الأخطار عند سعي المحور الإيراني لحيازة حركة من حركات الأمة العربية والإسلامية الفاعلة في المسألة الفلسطينية، بل تجاوزتها إلى مخاطر على أيدي بعض قيادات الحركة النافذة والتي أسرفت في العلاقة مع المحور الإيراني إلى حد التماهي والمدح والثناء واعتبار الوحدة مع ايران هي تعبير عن الوحدة المنشودة في الأمة وأمل التحرير، دون التوقف أمام الحرمة الشرعية واللوثة السياسية التي تجسدت بالحلف بين طرف اسلامي وعدو يقتل المسلمين في كل محيط فلسطين!

وكما شرعن ياسر عرفات للتطبيع العربي الإسرائيلي بعد أن أنجز اتفاق أوسلو مع الأعداء، فقد شرعنت حركة حماس بسلوكها السياسي التحالف بين الحركات الإسلامية الثورية والسياسية وبين أعداء الأمة طالما كان العدوان خارج أسوارهم القطرية والوطنية، وهو منهج مختل ومسار مفارق للهدى والصواب ويشير إلى مخاطر عظيمة تمزق مفهوم الأمة الواحدة وتمنع تحقق وتماسك وحدتها -مصدر قوتها ودلالة إسلامها- لاسيما أن في معظم الساحات العربية الثائرة تتوفر فيها نقاط تخادم وتعاون بين حركات التغيير الإسلامي وبين أعداء الأمة حتى وإن كانوا غير مخالفين في المذهب والدين كحال كثير من الأنظمة العربية والأسر الحاكمة الظالمة!

يتبع

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى